
محاضرة علمية في قسم اللغة العربية عن أدب الأطفال لطلاب المرحلة الرابعة
محاضرة علمية في قسم اللغة العربية عن أدب الأطفال لطلاب المرحلة الرابعة
ألقت المدرس المساعد (خولة ابراهيم احمد) التدريسية في قسم اللغة العربية محاضرة علمية عن أدب الاطفال لطلاب المرحلة الرابعة في القسم .
وتضمنت المحاضرة مدخل الى ادب الاطفال حيث قالت المحاضرة ان الطفولة مرحلة اساسية ومهمة في حياة الانسان ففيها تتحدد معالم شخصيته ويكتسب انماط قيمه وسلوكه ويتعلم مختلف عاداته واتجاهاته ,فهي مرحلة نمو مستمر للفرد كما انها مرحلة قابلية التشكل حسب الصورة التي يقدمها المجتمع له ومن هنا تحظى هذه المرحلة من مختلف المجتمعات بعناية تتناسب قيمتها والامال المعقودة عليها.
فالاطفال هم صانعو المستقبل ورجال الغد والاهتمام بهم ورعايتهم انما هو في حقيقة اهتمام بالحاضر والمستقبل وبتقدم المجتمع وتطوره , فهم ذخيرة الامم لغدها المأمول فهم عزها الحاضر وفخرها المقبل ولبنات البناء في مستقبلها الذي تخطط له لذا تحرص الدول على ان تولي اطفالها كل الرعاية بالغ الاهتمام.
والان ونحن نعيش في عصر حافل بالتغيرات السريعة والتطورات المتلاحقة تبدو الحاجة ماسة وملحة لاعداد الفرد القادر على استيعاب التكنولوجيا الحديثة وتوظيفها لخدمة التنمية في المجالات والميادين المختلفة كافة.
إن التطورات الحديثة التي مست الطفل والطفولة ادت في المجال الادبي والفني الى وجود إنتاج ثقافي موجه للاطفال يتجلى في كل الاجناس الادبية والفنية من شعر وقصة ومسرح لذا يمكن الحديث في المضمار عن ادب مختص بالطفولة. ثم تطرقت بعد ذلك الى مفهوم ومصطلح ادب الاطفال
فالأدب: هو تشكيل او تصوير تخيلي للحياة والفكر والوجدان من خلال ابنية لغوية, وهو فرع من فروع المعرفة الانسانية العامة , ويعني بالتعبير والتصوير فنيا ووجدانيا عن العادات والاراء والقيم والامال والمشاعر وغيرها هذا بشكل عام .اما مصطلح ( ادب الاطفال) فيقصد به ذلك الادب الموجه الى الصغار بالتعبير الاصطلاحي , فهو بصورة عامة يتوجه الى مرحلة الطفولة الى الصغار التي يكتب لها من دون اي اختلاف في روح الادب نفسه فحين نتحدث عن( ادب الراشدين) او الادب الموجه للكبار فاننا لانستعمل هذا المصطلح , بل نكتفي بلفظة (الادب) من دون اضافة كلمة الكبار اليها . ويكتب الادب للكبار من جيل الثامنة عشرة فما فوق من دون اي فصل بين مراحل هذا الجيل , وهنا تبدو خصوصية ادب الاطفال الذي يعد الادب الوحيد الذي يلتصق اسم نوعه باسم متلقيه, فضلا عن ملائمته مراحل الطفولة المتعددة والمختلفة كما انه يراعي حاجات الاطفال وقدراتهم وخضوعه لفلسفة الكبار في تثقيف اطفالهم , وهذا يعني ان لادب الاطفال من الناحية الفنية مقومات الادب العامة نفسها.
هناك اختلاف في تحديد مفهوم ادب الاطفال, وادب الاطفال كما يرى زلط ” ابداع مؤسس على خلق فني يعتمد بنيانه اللغوي على الفاظ سهلة ميسرة فصيحة , تتفق والقاموس اللغوي للطفل, فضلا عن الخيال الشفاف غير المركب, ومضمون هادف متنوع وتوظيف كل تلك العناصر بحيث تقف اساليب مخاطبتها وتوجهاتها لخدمة عقلية الطفل وادراكه كي يفهم النص الادبي ويحبه ويتذوقه , ومن ثم يكشف بمخيلته آفاقه ونتائجه.
وادب الاطفال ادب واسع المجال , متعدد الجوانب , متغير الابعاد طبقا لاعتبارا كثيرة , فهو لايقف عند حدود القصة او الانشودة او المسرحية وانما يتعدى ذلك ليشمل المعارف الانسانية كلها بصرف النظر عن الشكل او الفن الادبي الذي عرضت من خلاله.
ولعل الاختلاف في تحديد ماهية ادب الاطفال انما جاء اختلاف المهتمين من حيث بيئاتهم ثقافاتهم والزاوية التي ينظرون من خلالها للادب , ومن تعريفاته :
- بانه ” الكتب المعدة للاطفال ومطالعاتهم والتي يعدها خبراء في ادب الاطفال وتمتاز بجودة مادتها , واسلوبها, وملاءمتها لذوق الاطفال ومستوى نضجهم”
- ويعرف بانه ” كل مايقدم للاطفال من مادة مكتوبة سواء اكانت كتبا ام مجلات وسواء اكانت قصصا ام تمثليات ام مادة علمية”
- وادب الاطفال هو شكل من اشكال كتابة التعبير الادبي له قواعده ومناهجه سواء منها ما يتصل بلغته وتوافقها مع قاموس الطفل ومع الحصيلة الاسلوبية للسن التي يؤلف لها او ما يتصل بمضومنه ومناسبته لكل مرحلة من مراحل الطفولة” .
واذا تأملت التعريفات السابقة يمكن القول انها اجمعت على ضرورة:
- ان يكون للاطفال نوع من الادب خاص بهم, وموجه اليهم وفي هذا تاكيد على ضرورة اختيار المادة المقدمة للاطفال بعناية امة ليقبلوا عليها وهم مدركون بان هذه المادة كتبت خصيصا لهم.
- ان تخضع الكتابات الموجهة للاطفال لمعايير محددة مناسبة تتمثل في جودة المادة وجمال الاسلوب وملاءمة لذوق الاطفال ومستوى نضجهم ونموهم.
ومن ما مر آنفا نستطيع ان نخلص الى تعريف شامل لمفهوم ادب الاطفال , وهو : “كل مايقدم للطفل من نصوص ادبية سواء اكان ذلك ف صورة قصة ام قصيدة ام مسرحية , بحيث تشتمل على افكار واخيلة وتعبر عن احاسيس ومشاعر تتناسب ومستوى الطفل عقليا ولغويا ووجدانيا وتبعث في نفسه الثقة والسرور ويتفق مع ميولهم واستعداداتهم وتسهم في بناء الاطر المعرفية الثقافية والعاطفية والسلوكية المهارية وصولا الى بناء شخصية سوية ومتزنة تتأثر بالمجتمع الذي تعيش فيه وتؤثر فيه تأثيرا ايجابيا” .
وركزت المحاضرة على أهمية أدب الأطفال :كونه يتميز بالبساطة والسهولة ، إلا أنه لا يعتبر تصغيراً لأدب الراشدين ، لأن لأدب الأطفال خصائصه المتميزة التي تتبعها طبيعة الأطفال الذين يختلفون عن الراشدين لا في درجة النمو فقط ، بل في اتجاه ذلك النمو أيضاً ؛ حيث إن حاجات الأطفال وقدراتهم وخصائصهم الأخرى تختلف في اتجاهها عما يميز الراشدين. ومن هنا كان الاهتمام به كفن مستقل باعتباره يخضع لضوابط مختلفة إلى حد ما عن أدب الراشدين ، وتقرر هذه الضوابط حاجات الطفل وقدراته وللأدب الموجه للطفل أهمية بالنسبة إلى الأطفال ذاتهم وبالنسبة إلى المجتمع ، ويمكن تحديد هذه الأهمية من خلال ما يلي :
تسلية الطفل وإمتاعه وملء فراغه .
تعريف الطفل بالبيئة التي يعيش فيها من كافة الجوانب .
تعريف الطفل بآراء وأفكار الكبار .
تنمية القدرات اللغوية عند الطفل بزيادة المفردات اللغوية لديه ، وزيادة قدرته على الفهم والقراءة .
تكوين ثقافة عامة لدى الطفل .
الإسهام في النمو الاجتماعي والعقلي والعاطفي لدى الطفل .
تنمية دقة الملاحظة والتركيز والانتباه لدى الطفل .
الإسهام في تنمية الذوق الجمالي لدى الطفل .
.مساعدة الطفل في التعرف على الشخصيات الأدبية والتاريخية والدينية والسياسية من خلال قصص البطولة وأعلام الماضي والحاضر .
. جعل الطفل إنساناً متميزاً نظراً إلى إطلاعه على أشياء كثيرة ، عدا المادة المقروءة
.إيجاد الاتجاهات الاجتماعية السليمة لدى الطفل ،وتعريفه بالعادات والتقاليد التي عليه إتباعها في مختلف الظروف .
. ترسيخ الشعور بالانتماء إلى الوطن والأمة والعقيدة من قبل الطفل .
إضافة إلى ذلك فإن للأدب تأثير كبير في تنمية شخصية الأطفال . فهو يعمل على:
1.يساعد الأطفال على أن يعيشوا مرة أخرى خبرات الآخرين ، ومن ثم تتسع
خبراتهم الشخصية ، وتتعمق
2. يتيح الفرصة للأطفال لكي يشاركوا بتعاطف شديد وجهات النظر الأخرى والمشكلات وصعوبات الحياة التي يواجهها الآخرون .
3. يمكن الطفل من أن يفهم أنماط الثقافات الأخرى ، وأساليب الحياة فيها ، ما كان منها معاصراً ، وما يضرب في أعماق التاريخ .
4. يوسع آفاق الأطفال ويجعل منهم شخصيات متسامحة تتقبل الغير ، وتتفهم ثقافته ، وتشعر أن أسلوبهم في الحياة ليس هو الأسلوب الوحيد ، وأن ثقافتهم ليست الثقافة الوحيدة ، وأن هناك من الثقافات ما يفرض علينا احترامه إن لم نقبله .
5. يساعد بشكل علاجي في التخفيف من حدة المشكلات التي يواجهها الأطفال ، إذ يزداد الطفل القارئ ببصيرة عن مشكلات أصدقائه الصغار ، ويتعرف على سبل مواجهتها ، فيزداد ثقته بنفسه ، وقدرة على مواجهة ما واجهوه .
6. ينمي عند الأطفال الاتجاهات الطيبة نحو مختلف الكائنات ، والعقائد ، والمهن ، والمؤسسات ، إلى غير ذلك من مجالات تتفاوت فيها أساليب الحياة .
7. ينمي عند الأطفال ثروتهم اللغوية ، ويبني عند كل منهم رصيداً من المفردات والتراكيب التي تيسر له فهم ما يقرأ ، وتسعفه عند الرغبة في التعبير.
وهدفت المحاضرة الى جملة من الاهداف الخاصة بأدب الأطفال من وجهة النظر التربوية وهي:
1. أهداف ثقافية :
- تقديم المعلومات العامة والحقائق المختلفة عن الناس والحياة والمجتمع في بيئة الطفل وفي البيئات الأخرى .
- تقديم المضمون العلمي والأفكار المقتبسة من العلوم المختلفة التي تربط الأطفال بالعصر الحاضر ، والتطورات العلمية الحديثة ، ومن ذلك : القصص العلمية ، وقصص المستقبل .
- تقديم المضمون التعليمي الذي يستمد مادته العلمية من المناهج الدراسية المقررة ، ومن ذلك : مسرحة المناهج ، وهي أسلوب شائق جذاب لتقديم المادة التعليمية عن طريق المسرح البشري أو مسرح العرائس .
- تحقيق النمو اللغوي عند الأطفال .
- التدريب على الإلقاء الجيد وطلاقة اللسان والشجاعة الأدبية ومواجهة الجماهير .
2. أهداف أخلاقية :
تبصير الأطفال بالقيم الخلقية الفاضلة ، وتنمية إعجابهم وتقديرهم وحبهم للصفات الطيبة والأبطال الأخيار ، ونفورهم من الصفات المذمومة ، وجوانب الانحراف الخلقي ، وذلك بطريقة غير مباشرة ، وبالأسلوب الصحيح لأدب الأطفال السليم .
3. أهداف روحية :
لتحقيق التوازن بين الاتجاهات المادية السائدة في العصر الحديث ، وبين القيم الدينية والروحية التي لا يستطيع الإنسان أن يحقق السعادة الحقيقية بدونها ، مع وضوح في الرؤية ، يؤكد أنه ليس هناك تعارض بين العلم والإيمان ، أو بين التفكير العلمي والمناهج الروحية :
– فالدين يحث على طلب العلم ، وعلى التفكير والتأمل والبحث والاكتشاف .
– والعلم يدعم الإيمان ، ويرسخ قواعده ، وإنما يخشى الله من عباده العلماء
4. أهداف اجتماعية :
تعريف الطفل بمجتمعه ومقومات هذا المجتمع وأهدافه ومؤسساته ، وما يجب أن يسود فيه من قيم وصفات اجتماعية . وهذا يكشف للطفل عن جوانب الحياة الاجتماعية ، فيساعد على الاندماج في المجتمع ، والتجاوب مع أفراده .
5. أهداف قومية :
لكي يعرف الطفل أنه عربي في وطنه الصغير ، وأن وطنه جزء من الوطن العربي الكبير الذي تربط القومية العربية بين أجزائه ، وتدعم أواصر وحدته لغة واحدة ، ودين واحد ، وقيم روحية واحدة ، وتاريخ واحد ، وتراث مشترك ، وموقع جغرافي متصل يمتد من المحيط إلى الخليج في مكان حيوي من العالم ، وأن هذا الوطن الكبير يملك من إمكانات الحياة ومقوماتها وثرواتها الشيء الكبير ، وأنه كان منبع حضارة الجنس البشري منذ أقدم العصور ، وكيف أن حضارة العرب الزاهرة هي التي كانت نواة الحضارة الأوروبية بعد ذلك ، وكيف أن العرب يتطلعون بما لهم من آمال وإمكانات إلى اتخاذ مكانهم المرموق في عالم الغد .
6. أهداف عقلية :
لكي تتاح للطفل من خلال الإنتاج الأدبي المناسب والمتفق مع أسلوبه في التفكير فرصة طيبة لنشاط عقلي مثمر في مجالات التخيل والتذكر ، وتركيز الانتباه والربط بين الحوادث ،وفهم الأفكار ، والحكم على الأمور ، وحسن التعليل ، والاستنتاج ، وما إلى ذلك مما يساعد على نمو هذه العمليات العقلية وتطويرها . ومما يساعد على هذا أن يقدم الإنتاج الأدبي الجيد مواقف مناسبة تساعد الطفل على التفكير ، وأنماطاً للتصرف السليم ، ولأسلوب التفكير العلمي والعقلي المنظم ، وكيف يستطيع الإنسان أن يتصرف في مختلف المواقف والمشكلات .
7. أهداف جمالية :
- تقديم المعاني والأخيلة البديعة التي تستهوي الأطفال .
- تقديم الألوان الواقعية الجميلة من مختلف جوانب الحياة والوجود والطبيعة .
- تقديم الأساليب الأدبية الجميلة (جمال اللغة) .
- تقديم المعلومات الفنية التي تثري حصيلة الأطفال عن الفن وألوانه والفنانين وأعمالهم.
- تقديم القيم والاتجاهات التي ترد خلال الإنتاج الأدبي ، وتدعو إلى تقدير الجمال والذوق السليم .
- تقديم مختلف الألوان الجمالية المصاحبة للإنتاج الأدبي مثل :
أ. الصور والرسوم والألوان المصاحبة للإنتاج الأدبي المطبوع في كتب ومجلات
ب. الموسيقى والمؤثرات الصوتية المصاحبة للإنتاج المسموع في الإذاعة والتليفزيون وغيرهما
ج. المناظر الخلفية والديكور،والملابس والموسيقى والمؤثرات الصوتية والضوئية ، وما إلى ذلك مما يصاحب الإنتاج المسرحي .
8. أهداف ترويحية :
حيث يمكن أن يكون أدب الأطفال وسيلة شائقة لشغل أوقات الفراغ ، وتسلية محببة تجلب المسرة والمتعة إلى نفوس الأطفال ، بشرط ألا يكون هذا على حساب القيم والمثل والاتجاهات الحميدة ، أو على حساب من يمثلون هذه القيم كالآباء والمعلمين ورجال الدين .
9. بناء شخصيات الأطفال :
يمكن تعريف الشخصية ببساطة بأنها مجموع الصفات الاجتماعية والخلقية والمزاجية والعقلية التي يتميز بها الشخص ، والتي تبدو بصورة واضحة متميزة في علاقته مع الناس . وبقدر توفر هذه الصفات وتعاونها واندماجها وتآلفها ، وقدرتها على التكيف في المواقف الاجتماعية ، يكون أثر الشخصية وتكاملها .
من المعروف أن المواعظ والنصائح المباشرة قلما تكون ذات أثر عميق باق في نفوس الأطفال ، ومن الأفضل لتحقيق الأهداف الفاضلة ، وفي النواحي الخلقية والاجتماعية وغيرها ، أن يكون هذا بطريق غير مباشر عن طريق القدوة الحسنة ، والنموذج الطيب ، والمحاكاة ، والمشاركة الوجدانية ، والتعاطف الدرامي ، والانطباعات السليمة ، والاستهواء المقبول . ومن هنا يبرز دور أدب الأطفال بما فيه من قصص ومسرحيات وأغان وما إلى ذلك .
واعتمدت المحاضرة على عدة مصادر من أهمها
- ادب الاطفال العربية الحديث، د. تغريد القدسي.
- أدب الاطفال، اهدافه وأصوله ومفاهيمه، د. احمد زلط.
- أدب الاطفال، د. سمير عبد ألو.