
تدريسي من اساسية ديالى بقسم التاريخ يشترك بمناقشة رسالة ماجستير في كلية التربية للعلوم الإنسانية
تدريسي من اساسية ديالى بقسم التاريخ يشترك بمناقشة رسالة ماجستير في كلية التربية للعلوم الإنسانية
تم الاشتراك بمناقشة رسالة ماجستير في كلية التربية للعلوم الإنسانية/جامعة ديالى للطالب: (عبدالخالق محمد عبد) والمعنونة: ((محمد الجسر ودوره السياسي والإداري في لبنان حتى عام 1934م))وذلك في الساعة التاسعة من صباح يوم الخميس الموافق(29 كانون الأول 2016م) وتألفت لجنة المناقشة من: الأستاذ الدكتور نذير جبار حسين من كلية الآداب/ جامعة بغداد رئيسًا، والأستاذ الدكتور قحطان حميد كاظم من كلية التربية الأساسية/جامعة ديالى عضوًا ومشرفًا، والأستاذ المساعد الدكتور هزبر حسن شالوخ من كلية التربية للعلوم الانسانية/جامعة ديالى عضوًا، والأستاذ المساعد الدكتور أحمد ماجد عبدالرزاق من كلية التربية للعلوم الانسانية/ جامعة ديالى عضوًا.
توصلت الرسالة إلى أن الشيخ محمد الجسر ولد ونشأ من أسرة دينية وثقافية امتهنت العمل الإداري والسياسي منذ كانت في مصر واستمرت كذلك بعد انتقالها إلى لبنان واستقرارها في مدينة طرابلس، وكان الشيخ محمد الجسر محل إعجاب وثقة للحكومة العثمانية الذي كرس جهوده كاملة لخدمتها فترك بصمة واضحة عند السلطان عبد الحميد الثاني وغيره من سلاطين آل عثمان الذين جاءوا بعده للحكم، فقد دافع عن سياستهم ولم يشارك في اي مؤتمر ولم ينضم إلى أي معارضة ضد العثمانيين وفضلهم على غيرهم من الحكام، كان يرى بأن العثمانيين أفضل دولة إسلامية يمكن ان تحكم لبنان، لذلك توسط لدى الحكومة الجديدة التركية برئاسة مصطفى كمال عندما فرضت غرامة مالية على عوائل السلاطين وجلائهم من استانبول.
عمل على خدمة الشعب اللبناني بعد نهاية الحرب العالمية الأولى عندما قسمت المنطقة العربية بين بريطانيا وفرنسا حسب اتفاقية سايكس بيكو، إذ أنه لم يترك الأمور تذهب إدراج الرياح، ولم يفعل كما فعل غيره من السياسيين بترك البلاد في يد قوة غربية ظالمة تفعل به حسب سياستها وخططها وإنَّما اندمج بسرعة مع القوات الفرنسية ولم يترك لها فرصة سلب حقوق الشعب اللبناني لاسيّما حقوق المسلمين التي حاولت فرنسا حتى الأيام الأخيرة من وجودها داخل لبنان ان تهضمها ولم تعطي الأهمية اللازمة للمسلمين.
بذل الشيخ محمد الجسر جهودًا كبيرةً لقيام دولة لبنان الكبير ورحب بقرار الجنرال الفرنسي غورو عام 1920م، رغم المعارضة الواسعة من المسلمين لذلك القرار وانه برع كقاضي قديم له مدة طويلة في المحاماة والقضاء، حتى انه حفظ قانون العقوبات والجزاء غيبيًا.
نجح في ادارة نظارة الداخلية التي عمل بها مدة سنتان ولم يقل شأنه ومقدرته الإدارية في الداخلية عن عمله في السلك القضائي، إذ استطاع من ايجاد قوانين كثيرة وجديدة في تلك النظارة ولم يبتعد عن هموم الشعب ولم يقبل ان يحيط به الحرص، فضلاً عن النزاهة والكفاءة العالية وسعة معرفته بالقوانين والتشريعات اللبنانية والعالمية، حتى تمسك به أغلب السياسيين والأخذ بتوجيهاته داخل المجلس التمثيلي ومجلسي الشيوخ والنواب، إذ استطاع من إيجاد قانون يسمح من خلاله إعطاء الجنسية لبعض اللبنانيين الذين فقدوا الجنسية خلال هجرتهم إلى خارج لبنان.
بعد نجاحه الكبير في إدارة نظارة الداخلية أصبح رائد الإصلاح التربوي ، فقد طلبت منه المفوضية الفرنسية أن يترأس نظارة المعارف ورأت فيه أنه أفضل وأنجح شخصية لذلك المنصب، وسعى الشيخ محمد الجسر في مقاومة سياسة الفرنسيين الهادفة إلى جعل التعليم في لبنان لخدمة فرنسا وتخريج جيل لبناني واعي ومثقف يعمل لخدمة فرنسا، فقام بوضع المناهج الدراسية السليمة وركز على اعتماد اللغة العربية في المدارس والدوائر الحكومية مع الإبقاء على اللغة الفرنسية.
أما فيما يخص منصبه كرئيس لمجلس الشيوخ ومن ثم مجلس النواب فأنه أصبح رجل يقف بحزم وقوة أمام الخلافات واتصف بأنه رجل عملاق في أدارة جلسات البرلمان ومشرع قدير، وكانت الفترة التي قضاها الشيخ محمد الجسر رئيسًا للمجلس النيابي من أغنى مراحل التشريع النيابي لبلد على طريق الاستقلال، إذ كان يدير الجلسات النيابية بشكل يومي قبل وبعد الظهر، وكانت تشريعاته ديمقراطية سليمة.
ويرجع له الفضل في إقناع المعارضين على إقرار الدستور وتعديلاتهُ المختلفة وتمريره على الشعب وانه أصبح مثالاً يقتدى به داخل وخارج لبنان (بلا مدح أو تبجيل له)، والدليل إن قوانينه بعد مرور سبعين عامًا على وفاته وما آلت إليه الحياة السياسية والإدارية في لبنان القوانين التي نصها الشيخ محمد بخط يده لم تبصر النور في أيامه لكنّها أصبحت سارية المفعول إلى يومنا هذا لاسيّما قانون العمل اللبناني.
أستمر الشيخ محمد الجسر بإصلاحاته السياسية والبرلمانية حتّى ترشيحه لرئاسة الجمهورية اللبنانية، وأصيب بخيبة أمل وذلك لأنَّ شارل دباس نافسهُ على ذلك المنصب، على الرغم من التأييد الشعبي الواسع من كل الفئات، وبعد إجراء الإحصاء العام للسكان عام 1932 كانت الغالبية العظمى للمسلمين.
كما وعي الشيخ محمد أهمية الانتماء الوطني إلى كيان معترف به دوليًا من خلال بناء المواطنة اللبنانية هوية للبنانيين ولا تتعارض مع القومية العربية الصاعدة وأهدافها الاقليمية، ففي الإدارة والوزارة ورئاسة مجلس الشيوخ والنواب، وفي تطلعه وعمله المخلص إلى اندماج المسلمين الكلي والمنفتح سياسيًا واقتصاديًا على المحيط العربي يكون بذلك قد وعى المسألة اللبنانية بانتمائها العربي قبل غيره من زعماء المسلمين اللبنانيين العروبيين.
وخير دليل على ذلك أنهم اقتنعوا بالصبغة اللبنانية الكيانية بعد موته واندمجوا فيها بل ودافعوا وضحوا عنها.
بعد الخلافات بينه وبين شارل دباس على منصب رئاسة الجمهورية ووقوف فرنسا ضده وأوقفت العمل بالدستور وحل المجلس النيابي وانتشار الفوضى، اعتزل السياسة وتوفي عام 1934م. وترك لبنان تتلقفه موجات من الاضطرابات الداخلية فضلاً عن التدخلات الخارجية ، وفقدت لبنان بموته شخصية وطنية تنويرية معتدلة قَلَ نظيرها في تاريخ لبنان المعاصر .