وزارة التعليم العالي والبحث العلميقسم اللغة العربية
جامعة ديالى– كلية التربية الاساسية دراسة دكتوراه
محاضرة عنوانها
عناصر المنهج
أ.د مثنى علوان الجشعمي
مقدمة
المنهج Curriculum عنصر اساسي من عناصر العملية التعليمية , ان لم يكن صلبها . والسبب في ذلك انه يقدم تصوراً شاملاً لما ينبغي ان يقدم للطالب من معلومات , وما يجب ان يكتسبه من مهارات , وما يمكن ان ينمي لديه من قيم واتجاهات . كما ان المنهج يترجم بالفعل الاهداف العامة للتربية , ويقترح الخطوات التي تيسر للمجتمع ان يبنى افراده بالطريقة التي يريدها .
مفهوم المنهج لغة :
الاصل الثلاثي لكلمة منهج هو “نهج” ويقال نهج محمد الامر نهجاً ” اي أبانه واوضحه” , ونهج الطريق “سلكه” . والنهج “بسكون الهاء” اي سلك الطريق الواضح . المنهج اذن خطة لطريق ينبغي ان يسلكه التربويون لتحقيق اهدافهم . الا ان الذي ينبغي ان نقف عليه اولا هو الفرق بين مفهومين للمنهج ., احدهما قديم والاخر حديث .
المفهوم القديم للمنهج :
كان يقصد بالمنهج قديماً المقرر الدراسي الذي يقدم للطلاب في مادة معينة , فهناك مقرر للجغرافيا , وهناك آخر للتاريخ , وثالث للرياضيات , ورابع للغة ….وهكذا . ولقد ترتب على الاخذ بهذا المفهوم فترة طويلة من الزمن عدة امور من اهمها :-
- توجيه العناية الى النشاط العقلي والجانب المعرفي فقط دون اهتمام بباقي مجالات النحو.
- الفصل بين المواد الدراسية بعضها عن بعض.
عناصر المنهج:
نظرتنا الى المنهج كنظام تتطلب منا ان نقف على عناصره , ونحدد العلاقات القائمة بينها ولقد طرح تايلر (Tyler , R .25, p , 1) في نموذجه الشهير اربعة اسئلة :
- ما الاهداف التربوية التي ينبغي ان تسعى المدرسة الى تحقيقها؟
- ما الخبرات التربوية الممكن توفيرها لتحقيق هذه الاهداف ؟
- كيف يمكن تنظيم هذه الخبرات التربوية حتى تكون فعالة؟
- كيف يمكن معرفة ما اذا كانت الاهداف قد تحققت؟
هذه المكونات الاربعة هي التي اعادت “هيلدا تابا” صياغتها وقدمتها في شكل تخطيطي يبين اوجه التأثر بين بعضها وبعض .
الاهداف
الشكل (4)
المحتوى
التقويم
الطريقة
هذه المكونات التي تمثل عناصر المنهج كما يتضح من اسئلة تايلر ومن نموذج هيلدا تابا اربعة هي :
*الاهداف *المحتوى * الطريقة * التقويم
والعلاقات بين هذه المكونات واضحة , فالأهداف عندما تتحد تكون اساسا لاختيار المحتوى وتحديد الطريقة المناسبة لتدريسه , وبعد ان تأخذ العملية التعليمية طريقها تأتي الى التقويم , والتقويم ليس مقصوراً على عنصر دون آخر , ولكنه يشمل مختلف عناصر المنهج . فهناك تقويم للأهداف , وهناك تقويم للطريقة , وتقويم ثالث للمحتوى , بل ان اجراءات التقويم نفسها تخضع للتقويم , والاختبارات نفسها تختبر , وهذا ما يسمى بـ (اختبار الاختبارات) فندرس خصائصها ونحدد مدى قدرتها على تحقيق اهدافها .
مفهوم الهدف:
يقصد بالهدف لغة : الغاية وفي المجال التربوي نقصد بالهدف الوصف الموضوعي الدقيق لأشكال التغير المطلوب احداثها في سلوك الطالب بعد مروره بخبرة تعليمية معينة .
يعرف “ميجر” Mager الهدف قائلاً :” ان الهدف هو ايصال ما نقصد اليه بصياغة تصف التغير المطلوب لدى المتعلم صياغة تبين ماالذي سيكون عليه المتعلم حين يكون قد اتم بنجاح خبرة التعليم . انه وصف لنمط السلوك او الاداء الذي نريد ان يقدر المتعلم على بيانه ” (جابر عبد الحميد , 1 , ص158).
معنى الهدف السلوكي :
يمكن التمييز بين نوعين من الاهداف هما : الاهداف العامة وهي التي لا تختص بمادة معينة , ويمكن تحقيقها من خلال عدة مواد دراسية وفي فترة زمنية طويلة .
اما عن الاهداف الخاصة فهي تلك التي تختص بموضوع الدرس الذي يلقيه المعلم في حصة معينة . ان لكل معلم , بلا ريب , تصورا لاشكال السلوك التي يرغب في تحقيقها عند الطالب , والسلوك هنا كلمة واسعة لا تقتصر على الاداء العملي او النشاط اليدوي فقط , وانما تشمل كل ما يمكن ان يقوم به الانسان من مختلف اشكال الاداء عقلية او وجدانية او حركية .
خصائص الهدف السلوكي:
لنضرب مثالا لهدف سلوكي واضح من خلال خصائصه , فنتصور معلماً للنحو كتب الهدف الاتي:
يتوقع بعد دراسة قاعدة افعال المقاربة ان يكون الطالب قادراً على :
- 1-ان يتعرف على معنى افعال المقاربة .
- 2-ان يميز بين كاد وقرب واوشك.
- 3-ان يعرب كل فعل من افعال المقاربة اعراباً صحيحاً .
- 4-ان يستخدم افعال المقاربة استخداما صحيحاً.
في ضوء هذا المثال يمكن ايجاز اهم خصائص الهدف السلوكي فيما يلي :
- انه يصف لنا ناتج التعليم وليس عملية التعلم , انه يصف ما نتوقع حدوثه من تغير في اشكال اداء الطالب وليس ما يقوم به الاخرون في سبيل ذلك .
- انه يصف ما يتوقع ان يحدث عند الطالب , وليس ما يحدث من المعلم , ان الهدف السلوكي خاص بالطالب الذي يمثل غاية التعليم وليس بالمعلم الذي يمثل مصدر التعليم .
- انه يشتمل على عبارات محددة واضحة تصف لنا بدقة ما نتوقع حدوثه.
- انه واضح يمكن ملاحظته , ومن ثم يمكن قياسه , اننا بلا شك نستطيع ان نتبين ما اذا كان الطالب يستطيع التمييز بين كاد وقرب واوشك , ولكننا لا نستطيع ملاحظة عملية افهامه القاعدة . وفي ضوء هذا فاننا نستطيع قياس هذا السلوك والتاكد من مدى تحقيقه .
- انه يصف الحد الادنى للاداء فتعرف معنى افعال المقاربة هو الحد الادنى الذي نريد تحقيقه , قد يزيد الامر عند الطالب فيتعرف معناها , ويميز بينها , ويقارنها بافعال الرجاء والشروع وغير ذلك , ولكن الذي يهمنا في الهدف الاول هو مجرد تعرف معنى المقاربة .
انه اخيرا يشتمل على فعل سلوكي يصف بطريقة اجرائية ما يمكن ان يحدث عند الطالب ويصاغ في شكل مصدر مؤول (ان والفعل) وليس في شكل مصدر صريح.
ثانياً : المحتوى:
تعريف المحتوى :
يقصد بالمحتوى مجموع الخبرات التربوية والحقائق والمعلومات التي يرجى تزويد الطلاب بها , وكذلك الاتجاهات والقيم التي يراد تنميتها عندهم , واخيرا المهارات الحركية التي يراد اكسابهم اياها بهدف تحقيق النمو الشامل المتكامل لهم في الاهداف المقررة في المنهج.
معايير اختيار المحتوى :
قدم الخبراء مجموعة من المعايير التي يمكن ان يختار في ضوئها محتوى المنهج الا اننا نؤثر الاخذ بمعايير (نيكولاس) لاختيار المحتوى .
يذكر نيكولاس مجموعة من المعايير نجملها فيما يلي: (رشدي احمد طعيعة , 5 , ص36).
- 1-معيار الصدق : يعتبر المحتوى صادقا عندما يكون واقعيا واصيلا وصحيحا علميا , فضلا عن تمشيه مع الاهداف الموضوعية .
- 2-معيار الاهمية : يعتبر المحتوى مهما عندما يكون ذا قيمة في حياة الطالب , مع تغطية الجوانب المختلفة من ميادين المعرفة والقيم والمهارات مهتما بتنمية المهارات العقلية واساليب تنظيم المعرفة او جعلها متاحة للتعلم او تنمية الاتجاهات لديه .
- 3-معيار الميول والاهتمامات : يكون المحتوى متمشيا مع اهتمامات الطلاب عندما يختار على اساس هذه الاهتمامات والميول , فيعطيها الاولوية دون التضحية بالطبع بما يعتبر مهما لهم .
- 4-معيار القابلية للتعلم : يكون المحتوى قابلا للتعلم عندما يراعى قدرات الطلاب , متمشيا مع الفروق الفردية بينهم , مراعيا لمبادئ التدرج في عرض المادة العلمية .
- 5-معيار العالمية: يكون المحتوى جيدا عندما يشمل انماطا من التعليم لا تعترف بالحدود الجغرافية بين البشر وبقدر ما يعكس المحتوى الصيغة المحلية للمجتمع ينبغي ان يربط الطالب بالعالم المعاصر من حوله.
طرق اختيار المحتوى :
هناك عدة اساليب يمكن لواضع المنهج اتباعها عند اختيار المحتوى . وفيما يلي اكثر الاساليب شيوعا في اختيار محتوى مادة اللغة العربية .
- 1-رأي الخبير : يمكن للمعلم ان يسترشد بآراء الخبراء سواء اكانوا متخصصين في تعليم اللغة العربية ام كانوا معلمين ام كانوا لغويين , لم تربويين , ام من كانت له صلة وثيقة بالميدان , وفي هذه الحالة يمكن للمعلم ان يقدم تصورا للخبرات التي يريد تزويد الطلاب بها , او الموضوعات التي يريد تعليمهم اياها .
- 2-المسح : ويقصد بذلك اجراء دراسة ميدانية حول خصائص الدارسين وتعرف ما يناسبهم من محتوى لغوي , كان تجري دراسة حول الاخطاء اللغوية الشائعة في المستوى الابتدائي ثم تختار موضوعات النحو او التراكيب التي تساعد على تلافي هذه الاخطاء او علاجها , وكان نجري دراسة حول ميول الطلاب في القراءة , واهتماماتهم حول الثقافة العربية , ثم نتخذ نتائج هذه الدراسة اساسا لاختيار الموضوعات المناسبة , وكأن ندرس دوافع الطلاب او اتجاهاتهم او مشكلاتهم في تعلم اللغة العربية .
تنظيم المحتوى :
يقصد بتنظيم المحتوى ترتيبه بطريقة توفر احسن الظروف لتحقيق اكبر قدر من اهداف المنهج .
ويطرح الخبراء تصورين لتنظيم محتوى المنهج هما :
- 1-التنظيم المنطقي : ويقصد بذلك تقديم المحتوى مرتبا في ضوء المادة ذاتها , اي مراعاة الترتيب المنطقي للمعلومات والمفاهيم بصرف النظر عن مدى قابلية الطلاب لذلك , ففي النحو مثلا يبدا المنهج بالموضوعات النحوية البسيطة (الجملة الاسمية / الفعلية .. وينتهي بالموضوعات المعقدة).
وفي هذا التنظيم تراعى مبادئ التدرج من البسيط الى المعقد , من السهل الى الصعب , من القديم الى الحديث …. وهكذا .
- 2-التنظيم السيكولوجي : ويقصد بذلك تقديم المحتوى في ضوء حاجات الطلاب , وظروفهم الخاصة , وليس في ضوء طبيعة المادة وحدها , ولا يلتزم هذا التنظيم بالترتيب المنطقي للمادة , فقد يبدأ الطلاب بتعلم الاستفهام والتعجب والاضافة ….مثلا وذلك حسب المواقف اللغوية التي يمرون بها دون التزام بتقديم الجملة الفعلية او الاسمية اولا .
معايير تنظيم المحتوى :
ما زالت المعايير التي اقترحها (تايلر) لتنظيم المحتوى سائدة بين خبراء اعداد المناهج , وتتلخص هذه المعايير في ثلاثة هي :
- 1-الاستمرارية : ويقصد بذلك العلاقة الرئيسة بين خبرات المنهج , بحيث تؤدى كل خبرة الى احداث اثر معين عند الطلاب تدعمه الخبرة التالية .
- 2-التتابع : ويقصد بذلك بناء الخبرات فوق بعضها البعض , فلا تقدم خبرة لغوية الا في ضوء ما سبق , ثم تهيء هذه الخبرة الطالب بعد ذلك لخبرة تالية , اي ان يكون هناك تسلسل في عرض المهارات , وان تستفيد كل منها مما سبقها , وتؤدي لما يلحقها .
- 3-التكامل : ويقصد بذلك العلاقة الافقية بين الخبرات حيث يكمل كل منها الاخرى فتدريس النطق والكلام لا ينفصل عن تدريس مهارات الاستماع , ولا ينفصل هذان عن تدريس القراءة …. الخ , كما ان تدريس بقية فروع اللغة العربية يمكن ان يراعي فيه مبدأ التكامل بأن تخدم الخبرات في كل فرع زميلاتها في الفرع الاخر.