قسم : اللغة العربية
المرحلة الثالثة
المادة : الأدب العباسي 2014-2015
فن المقامات
معنى المقامة :
يعرف زكي مبارك المقامة بانها : (القصص القصيرة التي يودعها الكاتب ما يشاء من فكرة ادبية او فلسفية او خطرة وجدانية , او لمحة من لمحة لمحات الدعابة والمجون)(1).
ويعرفها الدكتورشوقي ضيف في معنيين :
المعنى اللغوي : اذا رجعنا الى الشعر الجاهلي وجدنا كلمة مقامة تستعمل بمعنيين فتارة تستعمل بمعنى مجلس القبيلة او ناديها , على نحو ما نرى عند زهير اذ يقول :
وفيهم مقامات حسان وجوهها واندية ينتابها القول والفعل
وتارة تستعمل بمعنى الجماعة التي يضمها هذا المجلس او النادي , على نحو ما نرى
عند لبيد اذ يقول :
ومقامة غلب الرقاب كأنهم جن لدى باب الحصير قيام
فالكلمة تستعمل منذ العصر الجاهلي بمعنى المجلس او من يكونون فيه . ونتقدم في العصر الاسلامي فنجد الكلمة تستعمل بمعنى المجلس يقوم فيه شخص بين يدي خليفة او غيره ويتحدث واعظا . وبذلك يدخل في معناه الحديث الذي يصاحبها . ثم نتقدم اكثر من ذلك فنجدها تستعمل بمعنى المحاضرة .
فالمقامة اريد بها التعلم منذ اول الامر , ولعله من اجل ذلك سماها بديع الزمان مقامة
ولم يسمها قصة ولا حكاية , فهي ليست اكثر من حديث قصير وكل ما في الامر ان
بديع الزمان حاول ان يجعله مشوقا فاجراه في شكل قصصي (1) .
بداية المقامة:
ان اول من وضع شكل المقامات في الادب العربي هو ابن دريد الازدي (ت312هـ)الذي كتب جملة من الاحاديث الادبية تبلغ الاربعين عدا , ولا يزال قسم منها محفوظا في كتاب (الامالي) لابي علي القالي . اما الذي اوحى بموضوع المقامة للأدباء من بعده فهو الجاحظ (ت255هـ) الذي كتب رسالة فقدت عن (الكدية و المكدين), وجاء بعدهما احمد بن فارس الرازي (ت390هـ) فكتب مقامات لم يصلنا للأسف منها شيء ثم يظهر تلميذه بديع الزمان الهمذاني فكتب اربعمائة مقامة لم يعثر منها حتى الان الا على خمسين مقامة. واعقب الهمذاني في هذا المضمار ابن نباته السعدي (ت405هـ) الذي كتب مجموعة من المقامات لم تحظ باي شهرة . ثم ظهرت مقامات ابي القاسم بن ناقيا البغدادي (ت485هـ) ولكنها فقدت, حتى اذا ما ظهر الحرير كانت المقامة قد وصلت ذروتها الثانية وكانت قد وصلت ذروتها الاولى في شخص الهمذاني (2) .
ماهية المقامة :
المقامة ان شئت اقصوصة , وان شئت مسرحية قصيرة , هي وسط بين المسرحية الشعرية والنثرية . انها مسرحية مسجوعة يكثر فيها الحوار ويقل الوصف , غير انها
في الوقع – اقرب الى طبيعة الاقصوصة .
وليست المقامة اذا قصة وانما هي حديث ادبي بليغ , وهي ادنى الى الحيلة منها الى
القصة , فليس فيها من القصة الى ظاهر فقط . اما هي في حقيقتها فحيلة يطرفنا بها بديع الزمان وغيره لنطلع من جهة على حادثة معينة , ومن جهة ثانية على اساليب انيقة ممتازة بل ان الحادثة التي تحدث للبطل لا اهمية لها , اذ ليست هي الغاية انما الغاية التعليم والاسلوب الذي تعرض به الحادثة (1) .
والمقامات من فنون النثر .. له قواعد واصوله التي حافظت عليها زمنا طويلا , ويقال عنه فيما يقال انه من الوان القصص , يحمل سماته ويتلون بشيء من الوانه .. لكن له اطارا قصصيا خاصا يكاد الا يتجاوزه , ويكاد الا يخرج عنه , وهذا الاطار يتسع ليمتلئ بفنون السجع وانواع البديع ولا سيما الجناس بفروعه المتعددة (2) .واشهر كتاب المقامات الهمذاني والحريري.
م.د. ثاير فالح علي
قسم اللغة العربية