جامعة ديالى
كلية التربية الاساسية
قسم اللغة العربية للعام الدراسي 2015
مادة :اصول التربية
المرحلة الاولى الفصل الدراسي الثاني مدرسة المادة : أ0م0د 0هيفاء حميد حسن
التربية اليونانية :
عرفت اليونان بحضارتها العريقة بقرون عديدة قبل ميلاد السيد المسيح واحتلت نتيجة لذلك منزلة رفيعة بالتاريخ 0
فالجنس البشري مدين بالكثير في ثقافته الدنيوية لليونانيين الاقدمين 0
اذ نجد الالفاظ الدالة على المدارس والملاعب والحساب والهندسة والتاريخ والبلاغة وعلوم الطبيعة والاحياء والتشريع والصحة والشعر والموسيقى والمآسي والمسالي والفلسفة والدين وعلم الاخلاق والسياسة والمثالية وحب الانسانية والاستبداد والديمقراطية في هذه الثقافة التي انتقلت الى حضارات اخرى عبر التاريخ 0
العوامل التي ساعدت على تقدم المجتمع اليوناني ورقيه في المجالات الحياتية كافة :
- 1-هو ما امتازت به بلاد اليونان من جو لطيف قليل التغيير يبعث النشاط في الانسان ويساعده على التفكير والابداع والتصور
- 2-اما في مجال التربية فقد حظيت اليونان بنظام تربوي متميز حيث اتخذت التربية عندهم شكلا منظما كان اساسا لما سارت عليه التربية في العصور اللاحقة وامتازت هذه التربية بكونها تربية ارستقراطية
فقد كانت محصورة بفئة قليلة من المجتمع ولم ينل العبيد اي نصيب منها وذلك بسبب طبيعة التركيب الطبقي للمجتمع اليوناني آنذاك ، الذي حرم طبقة العبيد من حق التمتع بالحرية والتملك وفي ضوء هذا العدد المتميز من القلة المفضلة فقد اتسمت التربية بروح التجديد والابتكار وفسح المجال لنمو الشخصية الفردية في الجوانب السياسية والعلمية والخلقية والفنية وكان الهدف عند اليونانيين انذاك هو ان يصل الانسان الى الحياة السعيدة الجميلة ، وكان التكوين الروحي للفرد موضوع عنايتهم واهتمامهم ، وتكامله النفسي وتحقيق الانسجام بين كماله الروحي وكماله الجسدي الاعلى
٭ هناك ثلاث نظم للتربية في اليونان حصلت نتيجة للتطور الحاصل في المراحل التاريخية المتعاقبة:
- 1-مرحلة التربية الهومرية (التربية في بلاد اليونان قبل كتابة تاريخها )
- 2-مرحلة التربية اليونانية القديمة وامتازت بنظامين تربويين متناقضين هما:
- أ-نظام التربية الاسبارطية
- ب-نظام التربية الاثينية
- 3-مرحلة التربية اليونانية الحديثة
عرفت اليونان نظامين للتربية متناقضين فاسبارطة مثلت النظام الاول الذي امتاز بأهدافه واغراضه الحربية دون التأكيد على الثقافة الفكرية والتربية الروحية فقد كانت القدرة الجسدية والحربية هي السمة المفضلة لدى الاسبارطيين الذين هدفوا الى اعداد وتكوين الجنود الابطال الشجعان الذين يكون بمقدورهم حمل السلاح والدفاع عن اسبارطة 0
اما النظام الثاني فقد مثلته اثينا حيث هدفت الدولة الى التوفيق والتنسيق بين العناية الجسدية والعناية الفكرية وفي الوقت الذي اكدت فيه اثينا على الروح والجسد الا انها اعطت ترجيحا للثقافة الروحية بعض الشئ
التربية الاسبارطية
تمثل التربية الاسبارطية التربية اليونانية القديمة في اوضح صورها ومظاهرها
العوامل التي لها الاثر الكبير في تكوين طبيعة النظام التربوي في اسبارطة
- 1-الموقع الجغرافي لاسبارطة حيث كانت تقع في منطقة جبلية وعرة وكانت المعيشة في بيئة مثل هذا النوع تتطلب قوة الجسم والقدرة على الاحتمال
- 2-النظام الاجتماعي الاسبارطي حيث يتألف من ثلاث طبقات منها:-
- –طبقة السادة/
- –الطبقة الوسطى / وتشمل الملاك والتجار والصناع
- –طبقة العبيد
ان وظيفة طبقة السادة هو السيطرة التامة على الطبقتين الاخريين
ووظيفة الطبقة الوسطى هو دفع الضرائب
ووظيفة طبقة العبيد هي خدمة طبقة السادة
ان العلاقات السياسية الخارجية للمجتمع الاسبرطي وسيطرة اسبارطة على العشائر القريبة منها وفرضها للضرائب على تلك العشائر كان سببا في احداث الاضطرابات والثورات الداخلية
اما هدف التربية الاسبارطية
- –اعداد المواطن لمكانة في الدولة وبذلك ينبغي تزويد كل مواطن بقدر كافي من الكمال الجسماني والشجاعة والتحلي بعادات الطاعة العمياء للقانون حتى يكون الجندي المثالي الذي لايهزم ويصبح فردا يغني شخصيته في شخصية المواطن
كان الشباب يدربون في ثكنات عسكرية على عادات الطاعة والولاء للسلطة واتسم النظام بقساوته من اجل نمو قوة الاحتمال الجسدي لديهم وغرس صفات الولاء والشجاعة عندهم حتى تزداد مهاراتهم الحربية ويكون بمقدورهم الانتصار على الاعداء
من اهتمامات الدولة الاسبارطية بتربية مواطنيها فقد عينت مشرفا عاما للتربية كما عينت له بعض المساعدين ويكون هذا المشرف عادة من احسن الرجال من حيث سيرته وسلوكه وتصرفاته العامة واخلاقه وقد منح هذا المشرف سلطة مطلقة لتربية المواطنين الاسبرطيين وبخاصة عقاب التلاميذ
بداية التربية الاسبارطية
تبدأمنذ مولد الطفل فالدولة هي المسيطرة على التعليم بجميع مراحله المختلفة وكان الطفل الحديث يعرض على شيوخ الدولة حيث يقررون اذا كان يستحق الحياة او الموت وذلك بعد اجراء التجارب عليه منها يستحم بالخمر الطفل الضعيف يموت اما القوي فيقوى بذلك او كان يلقى من اعلى قمم الجبال عاريا حتى يموت او ينقذه احد العبيد ليربوه ويدربوه على حرفة من الحرف وليكون عبدا مثلهم ومن تثبت صلاحيته يعاد الى امه لترضعه وتربيه حتى السابعة من العمر وكانت الام تسير على نظام الدولة في تربية الطفل وتنشئته وهو عدم تقييد طفلها وحركاته وان تقسو عليه في معاملاته والا تستجيب لمطالبه وان تمنعه من البكاء وان تتركه في الظلام حتى يتعود على الصبر وتحمل المشاق وتنمو فيه الشجاعة وكانت الام الاسبارطية تعود طفلها الجوع والالم بدون شكوى
كان الطفل الاسبارطي حينما يمر بمرحلة الطفولة المبكرة كان ابوه يصحبه الى مجتمعات الرجال حتى يتعلم المثل الاخلاقية
اما في سن السابعة كان الاباء يرسلون اطفالهم الى المعسكر العام ويكونون تحت رعاية واشراف المشرفين على التربية وكانوا يقسمون الاولاد الى مجموعات تتالف كل واحدة من (64) طفل يترأسها رئيس يدير شؤونها ويكون من قبل الاولاد المتقدمين بالسن وينبغي ان يمتاز بالشجاعة وحسن التصرف وكانوا يتناولون الطعام سويا وينامون سويا والغرض من هذه التربية هو غرس مشاعر المساواة والصحبة وروح الالفة بينهم
اما الاطفال في سن الثانية عشرة ينتقل الى نوع من التدريب العسكري العنيف الذي يستمر عامين تحت الاشراف المباشر للجيش الاسبرطي لذلك انصبت التربية على الجانب العسكري فقط وبذلك لم يحظ الاطفال بنصيب كاف من التعليم او التهذيب ولم يتعلم الاولاد القراءة والكتابة الا على ايدي مدرسين خصوصيين وصف ايسوقراط الاسبرطيون بانهم اميون اما افلاطون فقال عنهم بانهم كانوا مغرمين بقصص الابطال وبالاشعار ولكنهم جهلوا علم الحساب اما الرقص فقد كان الغرض من تعلمه هو للشؤون الحربية والامور الدينية 0
اما الشاب في سن الثامن عشرة يلتحق بفرقة الافيبي او الطالب الحربي ويتلقى تدريبات عسكرية متقدمة في الاسلحة الحربية والعمليات العسكرية واستخدام السلاح وكانت تختبر قوة احتمال الفتيان عن طريق اجراء اختبار عسير لهم كل عشرة ايام لايخلو من القسوة اما عند بلوغ الفتيان سن العشرين فانهم يلحقون بالجيش حيث يتدربون على انواع الصعاب ويؤدون يمين الولاء للدولة ويرسلون الى وحدات عسكرية على الحدود ويقضون مدة عشر سنوات وعندما يبلغ الشاب سن الثلاثين يتمتع بجميع الحقوق والامتيازات ويصبح عضوا من اعضاء الجمعية ويجبر على الزواج لصالح الدولة ويعمل مدرسا للنشئ وجنديا في ميدان القتال
تربية البنات في اسبارطة
- 1-كانت تشبه تربية الاولاد ولكن لم يلتحقن بالمعسكرات بل كن يعشن مع امهاتهن في المنازل
- 2-كانت الفتيات تتدرب على الالعاب المختلفة في ملاعب خاصة
- 3-وكن يجبرن على المشاركة في المباريات التي تتسم بالسرعة والقوة
- 4-يتعلمن الرقص ذو الطابع الديني فقد كانت البنات تمشي في المواكب والاحتفالات ويغنين ويرقصن للشباب ويمدحن الشجعان ويذممن الجبناء
- 5-وتمتعت المراة بحرية للمشاركة مع الرجل في السباقات الرياضية والاختلاط مع الرجال
الغرض من تربية البنت في اسبارطة هو ان الفتاة القوية تنجب اطفالا مثلها اقوياء الجسم واصحاء ويصبحوا جنودا يدافعوا عن اسبارطة وفي حث ابنها على القتال والموت من اجل الوطن
لذلك حظت المراة على احترام الاسبارطيين وهي في نظرهم لاتقل اهمية عن الرجل ولا منزلة ولم تكلف المراة الاسبارطية بالاعمال المناطة بطبقة العبيد كالغزل وعمل الملابس وانما اقتصرت مهمتها على تربية الاولاد واعدادهم للدفاع عن الوطن ولم يسمح للمراة الاسبارطية باظهار مشاعر الحزن والخوف عندما يفقد ابنها او زوجها في الحروب0
وتمكن الاسبارطيون من تحقيق اهدافهم وبلوغ غاياتهم واستطاعت الطبقة الحاكمة المتمثلة بالاسياد من السيطرة على الشعب واستعباده والمحافظة على كيان هذه الطبقة وكذلك السيطرة على الاضطرابات الداخلية 0
مميزات التربية الاسبارطية
- 1-تربية محافظة لاتقبل التغير او التبديل
- 2-حددت قدرة الاطفال وقابلياتهم على الابداع والتفكير ولم يتعودوا على حل مشكلاتهم
- 3-لم يترك الاسبارطيون تراثا فكريا ذا اهمية ولم يترك المجال حرا للتعبير عن الرأي
من خلال ماتقدم يبدو فشل النظام التربوي واضحا في الانحلال الخلقي والاجتماعي الذي تفشى بعد الهزيمة في الحروب
ولو استعرضنا تاريخ الامم نجد هناك انظمة حديثة سارت على النظام الاسبارطي والت الى مالت اليه النظام في اسبارطة لذلك ان تقييد الحريات لاسيما الفكرية يؤدي الى الفشل التام لاي نظام حكم مهما اوتي من قوة لان القدرة على التفكير تساعد الانسان على ايجاد وسائل وسبل اخرى لتحقيق اهدافه وهذه القدرة من اهم مقومات الانسانية ويبدو واضحا ان للتربية دور كبير ورئيسي في بناء نوع من المجتمع وفقا لما يريده وهذا يعني ان الاقتصار على جانب واحد بحد ذاته امر غير ناجح يكون لفترة قصيرة ثم يهوي ، وعليه لابد من اعتبار التربية عملية تنموية متطورة تشمل نواحي الحياة المختلفة والمتباينة والا تقتصر على جانب واحد منها دون آخر 0