محاظرة رقم 1
ماهي الشخصية
الشخص والموقف The Person and the situation
هل ان سلوكنا يتشكل بواسطة الموقف الذي نمر به او بواسطة نوع الشخص الذي نحن عليه؟ في الحادي عشر من سبتمبر ،هل تصرف الناس بالطريقة التي تصرفوا بها بسبب الاحداث التي تحيط بهم ، ام ان ردود فعلهم كانت نتيجة لنوع الشخص الذي كانوا عليه قبل الحدث؟ هذا هو احد الاسئلة الدائمة في علم النفس . الجواب المتفق عليه عموما هذه الايام هو ان كلا من الموقف والشخص يساهمون في السلوك. بالتاكيد نحن لانتصرف بنفس الطريقة في كل المواقف. اعتمادا على اين نحن وما حدث ، كل واحد منا يمكن ان يكون ودي ،خجول ،عدواني ،ودود ، مكتئب، خائف او متحمس. ولكن من الواضح ان الجميع ليس على ذات الجانب ، فلا يتصرف الناس بنفس الطريقة في ملعب لكرة القدم او في مركز للتسوق. ان الجدال بين علماء النفس قد تحول الان الى السؤال حول كيف يؤثر الموقف في سلوكنا وكذلك كيف يعكس سلوكنا شخصيتنا.
يمكننا ان نقسم مجال البحث في علم النفس بالتوافق مع اجابة ذلك السؤال. العديد من علماء النفس اهتموا بكيفية استجابة الناس عادة الى متطلبات البيئة. ميزة هذه البحوث ان ردود فعل جميع الاشخاص ليست متشابهة بذات الموقف ، ولكن هدفهم هو تحديد الانماط التي تصف عموما ما الذي سيفعلة غالبية الناس. بينما علماء النفس الاجتماعي ربما ابتكروا مواقف مختلفة والتي شاهد فيها المشتركين اشخاص بحاجة االى مساعدة. والغرض من هذا البحث هو للتعرف على نوع المواقف التي يمكن ان تزيد او تقلل من سلوك المساعدة. علماء نفس الشخصية قلبوا هذا النوع من التفكير بالعكس تماما. نحن نعلم ان هناك انماط نموذجية من الاستجابة للمواقف ، ولكن ماوجدناه اكثر اهمية هو لماذا يميل بيتر نحو المساعدة بصورة اكبر من بول، حتى عندما يتعرضون لموقف بنفس المتطلبات.
ربما تكون قد سمعت القول الماثور ،” هناك فروق قليلة بين الناس ، لكن ذلك الفرق مهماً بالتاكيد”. وهذا يتجه الى تلخيص وجهة نظر علماء نفس الشخصية. انهم يرغبون بمعرفة مالذي يجعلك مختلفا عن الشخص الذي يجلس بجانبك. لماذا يستطيع بعض الناس تكوين صداقات بسهولة، بينما يعيش اخرون وحيدين؟ هل نستطيع ان نتنبأ بمن سيرتقي الى قمة قيادة الاعمال ومن الذي سوف يفشل سريعا؟ لماذا بعض الاشخاص انطوائيون بينما اخرون يميلون الى الاختلاط؟ كل هذه الاسئلة تم استكشافها في هذا الكتاب . مواضيع اخرى غطيت بما في ذلك كيف ترتبط شخصيتك بالاستجابة للمنوم ( المخدر)، ردود الفعل للضغوط، كيف تؤدي في المدرسة وحتى ما هو حتمال اصابتك بنوبة قلبية.
وفي هذا لا لكي نقول ان الموقف ليس مهم او هو خارج اهتمام علماء نفس الشخصية. في الحقيقة ، و كما تم نقاشه في الفصل السابع ، ان العديد من هذه الاسئلة تم اثارتها من قبل الباحثين في الشخصية مع اهتمامهم بالكيفية التي يتصرف فيها اشخاص معينين في مواقف محددة. ومع ذلك ان تركيز هذا الكتاب يتمحور حول ما الذي يجعلك تختلف عن الشخص الذي يقف بجانبك – تلك هي شخصيتك. قبل ان نعنون سؤالنا دعنا نبدأ بتعريف “الشخصية”.
2- تعريف الشخصية The personality
كل شخص قد درس في جامعة فانه من المحتمل انه توقع ان يكون موضوع المحاظرة الاولى حول تعريف المصطلح. مثلا ان استاذ الفلسفة سوف يسأل ” ماهي الفلسفة؟” وفي المحاظرة الاولي لمركز الاتصالات communication السؤال هو “ماهي الاتصالات؟” اؤلئك الذين يدرسون الجغرافية، التاريخ و التفاضل والتكامل لديهم محاظرات مشابهة. وهكذا لاسباب عملية وتقليدية فان استاذ علم النفس ايضا سيبدأ بسؤال اساسي هو “ماهي الشخصية؟”
بالرغم من التعريف التالي يجب علينا ان نضع في اذهاننا من ان علماء النفس لم يتفقوا على اجابة واحدة لهذا السؤال. في الحقيقة علماء نفس الشخصية قد دخلو في نقاش مستمر وربما لن ينتهي في كيفية وصف شخصية الانسان وماهي المواضيع التي تنتمي لهذا العلم الفرعي من علم النفس (Mayer، 2005; McAdms & Pals،2006)
علماء الشخصية لديهم افكار مختلفة حول ما يجب على علماء النفس ان يدرسوه. فبينما اشار احد المنظرين الى اليات اللاوعي، نظر اخر الى تاريخ التعلم، وبقي اخر ينظر الى الطريقة التي ينظم بها الناس افكارهم. ايضا ربما يجد بعض الطلاب احباطا من نقص التوافق بين العلماء، دعني اقترح من البداية ان هذا الاختلاف في وجهات النظريعطي لاطار العمل اثارة واغناء والتي بها يمكن استكشاف الطبيعة المعقدة للفرد.
الشخصية يمكن ان تعرف كانماط سلوكية متسقة و عمليات داخلية نشأت داخل الفرد. عدة جوانب في هذا التعريف البسيط تحتاج الى تفصيل . لاحظ انه يتكون من جزأين . الجزء الاول يهتم بالانماط المتسقة للسلوك. الباحثون في مجال الشخصية عادة يشيرون الى هذه كاختلافات فردية. النقطة المهمة هنا هي هل ان الشخصية متسقة. بامكاننا التعرف على هذا الاتساق في الانماط السلوكية عبر الزمن وعبر المواقف. نستطيع التوقع من ان الشخص الودود outgoing اليوم سيكون ودودا غدا. الشخص المتنافس في العمل من المحتل جدا ان يكون متنافسا في الرياضة . نحن بذلك نعترف بهذا الاتساق في الشخصية عندما نقول،” انها هي لتقوم بذلك” او “كان كما عرفناه” بالطبع هذا لا يعني انه شخص منفتح وصاخب ومرح في كل الاوقات، في المناسبات الرسمية كما هو في الحفلات. ولايعني بالطبع ان الناس لايمكنهم التغير. لكن اذا كانت شخصيته واضحة وسلوكه ليس عبارة عن ردة فعل لموقف معين وجد نفسه فيه حينئذا يجب ان نتوقع بعض الاتساق في طريقة سلوك الناس.
الجزأ الثاني من التعريف يهتم بالعمليات الداخليةProcesses Intrapersonal. بالنقيض من العمليات الخارجية Interpersonal Processes ، التي تاخذ مداها بين الناس فالعمليات الداخلية تتضمن كل العواطف و الدوافع والعمليات المعرفية التي في داخلنا والتي تؤثر على الكيفية التي نسلك ونشعربها. ولهذا سوف تجد العديد من علماء الشخصية منهكين بمواضيع مثل الكأبة ومعالجة المعلومات والسعادة والانكار. بطبيعة الحال بعض هذه العمليات مشتركة بين جميع الناس . على سبيل المثال ، طبقا لبعض المنظرين، كل واحد منا لديه نفس القدر من تجارب القلق او معالجات متشابهة للتعامل مع الاحداث المهددة. مع ذلك الكيفية التي نستخدم بها هذه العمليات وكيف تتفاعل مع الفوارق الفردية تلعب دورا في تحديد خصائصنا الفردية.
ايضا من المهم ان نلاحظ ، طبقا للتعريف، هذه الانماط المتسقة من السلوك والعمليات الداخلية تنشأ داخل الفرد. ليس هذا لنقول ان المصادر الخارجية لا تؤثر في الشخصية. بالتاكيد الطريقة التي ربى بها الابوين اطفالهم تؤثر في نوع الراشد الذي سيصبح عليه ذلك الطفل. وبالطبع المشاعر التي نختبرها هي في الغالب ردود فعل للاحداث التي نواجهها. ولكن النقطة هي ان السلوك هو ليس فقط دلالة على الموقف. ان الخوف الذي نجربه حين نشاهد فلم رعب هو نتيجة للفلم، لكن الطرق المختلفة التي نعبر بها او التي نتعامل بها مع الخوف تأتي من الداخل.
محاظرة رقم 2
مناهج الشخصية
لماذا اختلفت نظريات الشخصية وتعددت
ستة مناهج للشخصية Six Approaches to Personality
ماهو مصدر الاتساق في انماط السلوك والعمليات الداخلية؟ هذا هو السؤال الاساسي الذي طرح من قبل منظري الشخصية وباحثيها. السبب الوحيد لطوال هذا الكتاب هو ان علماء نفس الشخصية قد اجابوا على هذا السؤال بعدد من الطرق المختلفة. للمساعدة على اعطاء معنى للمدى الواسع من نظريات الشخصية التى اقترحت خلال القرن الماضي، سوف ننظر في ستة مناهج عامة لتفسير الشخصية. وهي المنهج التحليلي،منهج السمات، المنهج البايلوجي، المنهج الانساني، المنهج السلوكي التعلم الاجتماعي والمنهج المعرفي. على الرغم من ان تطابقها ليس دائما مثاليا، كل واحدة من نظريات الشخصية الرئيسية يمكن ان توضع في واحدة من هذه المناهج الست العامة.
ولكن لماذا هذا العدد الكبير من نظريات الشخصية؟ هذا السؤال يمكن الاجابة عليه بطريق التناظر analogy . تقريبا كل شخص سمع بقصة الرجال العميان الخمسة الذين صادفوا الفيل. كل واحد منهم تحسس جزأ مختلف من الحيوان وبعدها حاولوا ان يشرحوا للاخرين كيف يبدو الفيل. الرجل الاعمى الاول الذي تحسس الساق وصف الفيل على انه طويل ومستدير. الاخر الذي تحسس الاذن ادعى ان الفيل رفيع ومسطح، بينما الاخر الذي امسك الخرطوم وصف الحيوان على انه طويل ومستدير. الرجل الذي تحسس الذيل والاخر الذي تلمس جانب الفيل لديهم صور مختلفة. المهم في هذه القصة هو بالتأكيد ان كل شخص عرف جزءا واحدا فقط من الحيوان ككل. لان هناك الكثير للحيوان من تلك التي اختبرها، وصف كل رجل كان صحيحا ولكنه غير مكتمل.
بهذا المعنى، المناهج الستة في الشخصية مناظرة للعميان. ولهذا كل منهج يبدو انه تعرف واختبر جانب مهم من الشخصية. مثال على ذلك علماء النفس الذين ساهموا في المنهج التحليلي جادل بان العقل اللاواعي للانسان هو الجزأ الاكبر المسؤل عن الاختلاف في انماط سلوكهم . علماء النفس الاخرين اولئك الذين يفضلون منهج السمات، تعرفوا على ان الشخص يكون على طول سلسلة متصلة من خصائص شخصية مختلفة. علماء النفس المتحمسين للمنهج البايلوجي اشارو الى الاستعدادات الوراثية والعمليات الفسيولوجية في تفسير الاختلافات الفردية في الشخصية. في المقابل اولئك الذين اسسوا المنهج الانساني حددوا على ان مسؤلية الفرد والشعور بقبول الذات هي مفتاح اسباب الاختلافات في الشخصية. نظريات التعلم الاجتماعي السلوكيةفسروا الاتساق في انماط السلوك كنتيجة للاشتراط والتوقعات. الذين عززوا المنهج المعرفي نظروا الى الفروق لطريقة معالجة الناس للمعلومات لتفسير الاختلافات في السلوك.
انه من المغري ان اقترح انه بواسطة الجمع بين كل المناهج الستة يمكن لنا ان نحصل على صورة واضحة وكبيرة للطريقة التي يتصرف بها الناس كما يفعلون. لسؤ الحظ ان التشابه الجزئي للرجال العميان تنطبق جزئيا على المناهج الستة للشخصية. على الرغم من ان المناهج المختلفة في الموضوع الحالي للشخصية غالبا متنوع في تركيزه- مع ان كل منها يعطي تبريرا منطقيا وتفسيرا ملائما- ففي كثير من الحالات فان تفسير منهجين او اكثر تظهر تعارضا تاما. اولئك الناس الذين يعملون في هذا الحقل غالبا ما ينحازون الى واحد او اكثر من هذه المناهج الستة عندما يقررون اي من التفسيرات المتنافسة يقبلون.
بالعودة الى الرجال العميان والفيل، على افتراض ان احدما سأل كيف يتحرك الفيل. ان الرجل الذي تحسس الخرطوم ربما يجادل من ان الفيل يسير منزلقا على الارض كالافعى. والرجل الذي امسك اذن الفيل ربما لايوافق قائلا ان الفيل يجب ان يطير مثل الطائر مع اجنحته الكبيرة والعريضة. بينما الرجل الذي تلمس الساق فبالتأكيد لديه تفسير مختلف. على الرغم من انه في بعض الحالات ربما اكثر من واحده من هذه التفسيرات قد تكون دقيقة( على سبيل المثال فان الطائر يستطيع المشي والطيران معا) ولكن يجب ان يكون من الواضح لحد الان فانه ليس كل نظرية يمكن ان تكون صائبة. ولكن من المحتمل ان تكون واحدة من النظريات صحيحة في وصف بعض الجوانب. لاشك ان بعض النظريات ربما تكون اكثر منطقية بالنسبة لك من الاخريات. ولكن من الجيد ان تحتفظ في ذهنك من ان كل منهجية قد طورت وعززت من قبل عدد كبير من النفسيين المحترمين. بالرغم من ذلك ليس جميع هؤلاء الرجال والنساء مصيبين حول كل موضوع، فان كل منهج لديه شئي ما قيم ليقدمه في طريق سعينا لفهم ما الذي يجعل كل منا على ماهو عليه.
مثالين: العدوان والكأبة Two Example: Aggression and Depression
للحصول على افضل فكرة في كيفية فهم الشخصية من خلال المناهج الستة تعطينا ستة اختلافات، لكنها شرعية، في تفسير اتساق انماط السلوك، دعنا ننظر الى مثالين شائعين. السلوك العدواني والمعاناة التي تأتي من الكأبة هما مشكلتين منتشرتين بشكل واسع في مجتمعنا، وعلماء النفس من مختلف المشارب قد نظروا في اسباب العدوان والكأبة.
مثال 1: العدوان. لقد راينا او قرءانا جميعا حول اناس قد تورطر بالسلوك العدواني بشكل مستمر. رجال اعتقلوا لارتكابهم اعتداء وهؤلاء عادة لديهم تاريخ من السلوك العدواني يعود الى مراحل القتال في مرحلة الطفولة اثناء اللعب. ما الذي يجعل بعض الناس اكثر عدوانية بشكل دائم من الاخرين؟ كل واحدة من المناهج الستة للشخصية تعطي على الاقل اجابة واحدة. عندما تقرأ هذه الاجابات فكر بشخص عدواني يمكن تكون قد صادفته. اي من المناهج الستة تبدو اكثر قدرة على تفسير سلوك ذلك الفرد؟
التحليلية الكلاسيكية تفسر السلوك العدواني عن طريق غريزة الموت في اللاوعي. ذلك باننا جميعا نقول باننا نمتلك رغبة في اللاشعور لتدمير الذات. مع ذلك ولان الناس لديهم شخصية صحية فهم لا يؤذون انفسهم، ان دفقات التدمير الذاتي ربما من دون وعي توجه نحو الخارج ليعبر عنها ضد اخرين بطريقة العدوان. محللون نفسيون اخرون يجادلون من ان العدوان ينتج عندما نمنع من تحقيق اهدافنا. ان الشخص الذي يواجه مقدار كبير من الاحباط، وربما الشخص الذي يمنع بشكل مستمر من تحقيق الهدف المنشود، فهو سيكون المرشح المحتمل للسلوك العدواني بشكل مستمر. في معظم الحالات فان الشخص غير مدرك للاسباب الحقيقية للعدوان.
علماء الشخصية الذين يتبعون منهج السمات يركزون على الاختلافات الفردية وعلى دوام السلوك العدواني. على سبيل المثال احد فرق البحث قاموا بقياس العدوانية لاطفال في سن 8 سنوات (Huesmann، Eron، & Yarmel، 1987 ). قام الباحثون بمقابلة المشتركين مرة ثانية عندما بلغوا الثلاثين من العمر. اكتشف الباحثون ان الاطفال الذين شخصوا على انهم عدوانيين عندما كانوا في المدرسة الابتدائية هم اكثر احتمالا ليصبحو عدوانين في الكبر. الاطفال الذين كانو يضربون ويدفعون زملائهم في الصف غالبا يصبحوا اؤلئك الكبار الذين يسيوؤن معاملة شركائهم ويتورطون في سلوك اجرامي عنيف.
علماء نفس الشخصية ذوي المنظور البايلوجي اهتموا ايضا بالانماط الثابتة من السلوك العدواني. لقد اشاروا الى النزعة الجينية للتصرف بعدائية كاحد اسباب هذا الثبات في السلوك. اشارت الادلة ان موروثات بعض الناس اكثر ميلا باتجاه العدوان من الاخرين( Miles& Carey، 1997). ولذلك فان بعض الناس ربما يولدون مع التصرف العدواني وهذا يعتمد على تربيتهم، فيؤدي لان يكونوا عدوانين في الكبر. علماء اخرين فسروا العدوان على اساس نظرية النشوء والارتقاء evolutionary theory (Cairns، 1986 ). على سبل المثال ان حقيقة الرجال يميلون ليكونوا اكثر عدوانية من النساء ربما تفسر بان موروثات الرجال تحتاج الى تدريب للسيطرة على منافسيه من اجل البقاء وتمرير جيناته لاجيال مقبلة.
علماء النفس ذوي اتجاه المنهج الانساني في الشخصية فسروا العدوان بطريقة اخرى. هولاء المنظرين انكروا ان بعض الناس يولدون ليكونوا عدوانيين. في الحقيقة ، العديد منهم حاجج بان الناس في الاساس اخيار. وهم يعتقدون ان جميع الناس يمكن ان يكونوا سعداء، غير عدائيين اذا سمح لهم بان ينشائوا ويتطوروا في بيئئة غنية ومشجعة. تتطور المشاكل حينما يتداخل شئي ما مع عمليات التطور الطبيعية هذه. الاطفال العدوانين غالبا ياتون من بيوت تحبط فيها الحاجات الاساسية. اذا طور الطفل تصور ذات سلبية، فهو او هي قد يبدأ باحباط الاخرين.
المنهج السلوكي/التعلم الاجتماعي بطرق عديدة كان على النقيض مع وجهة نظر المنهج الانساني. وفقا لعلماء النفس هولاء ، يتعلم الناس ان يكونوا عدوانيين بنفس الطريقة التي يتعلمون بها انواع السلوك الاخرى. لاعبي كرة القدم يجدون ان السلوك العدواني يكافأ. وهم في الصدارة ويختارون اولا وفقا لمتطلبات اللعب لان الاطفال الاخرين يخشونهم. ان السر في تفسير التصرف هو ان السلوك المكافأ سوف يكرر. ولاعبي كرة القدم الصغارهؤلاء من المحتمل انهم سوف يستمرون في السلوك العدواني ويحاولون تجريبه في مواقف اخرى. واذا العدوان كوفأ بشكل مستمر بدل العقاب ، فان النتيجة سوف يكون راشد عدواني. يتعلم الناس ايضا من مشاهدة النماذج. ربما يتعلم الاطفال من زميل عدواني اذيته للاخرين اتت بفائدة في بعض الاحيان. كما نوقش في الفصل 14، العديد من الناس يخشون من ان ادوار العدوان التي يشاهدها الاطفال بشكل مستمر على التفاز ربما هي المسؤلة عن زيادة كمية العنف في المجتمع.
علماء النفس المعرفي المعرفيين اجابو على سؤال السلوك العدواني من منظور اخر. ان تركيزهم الاساسي هو في كيفة معالجة المعلومات من قبل الناس العدوانين. الفم الافضل لهذا المصطلح، تصور انك تسير بمفردك في متنزه . اثنان من المراهقين يسيرون خلفك بعشرة امتار وفجأ اسرعوا خطاهم واقتبرو منك. ماهي ردة فعلك؟ ربما الاولاد في عجلة من امرهم للذهاب الى مكان ما: او ربما هم ببساطة اكثر طاقة ويسيرون اسع منك. ربما هم اسرعو كي يلحقو بك كي يسألوك عن الوقت او ترشدهم الى طريق. او ربما يريدون اذائك. هذا الموقف مثل مواقف كثرة نواجهها، تحتوي على مقدار لابأس به من الغموض، والناس تكون ردة فعلهم مختلفة ازائها.
علماء نفس الشخصية المعرفيون يجادلون بان طريقتك في الاستجابة لهذه المواقف تعتمد على كيفية تفسيرك لها ( Anderson، 2002 ). سواء رأيت الظروف كتهديد، مزعجة، او تؤدي بك للهرب بعيدا، او تبتعد عن مسارك. يفترض المنهج المعرفي ان بعض الناس اكثر احتمالا لتفسير الظروف الغامضة على انها مهددة من الاخرين. وهؤلاء الناس اكثر احتمالا للاستجابة بتصرف عدواني. ان المنهج المعرفي يستطيع مساعدتنا على فهم لماذا يتصرف بعض المراهقين بعدوانية اكثر من الاخرين (Hubbard، Dodge، Cillessen، Coie، & Schwartz، 2001; MacBrayer، Milich، &Hundley، 2003).
وجد الباحثون ان عدوانية اولاد المدارس الابتدائية تفسر بشكل مستمر التصرفات البرئية للاخرين على انها تهديد شخصي. اي عثرة بطريق الخطأ في الممر ربما تفسرا خطأ على انها محاولة لبدأ القتال. انه ليس من الصعوبة تفسير لجوء الطفل الذي يعتقد ان الاخرين يتحدوه ويهددوه الى العنف.
والان لنعود الى السؤال الاصلي: لماذا يظهر بعض الاشخاص نمط سوك عدواني ثابت؟ كل واحد من منهاج الشخصية الستة عرض تفسيرا مختلفا. اي منها هو الصحيح؟ احد الاحتمالات هو واحد فقط هو الصحيح وان البحوث المستقبلية سوف تجد هذه النظرية. الاحتمال الثاني هو ان كل منهج صحيحا جزئيا. ربما هناك ستة (او اكثر) من الاسباب المختلفة للسلوك العدواني. يبقى الاحتمال الثالث وهو ان التفسيرات الستة لاتعارض بعضها البعض ولكنها تختلف فقط في تركيزها. ولهذا من المحتمل ان العدوانية ثابتة نسبيا وتعكس سمة العدوانية ( منهج السمات). ولكن من المحتمل ايضا ان حالة بعض الناس تميل لتفسير الاحداث الغامضة كتهديد( التفسير المعرفي) بسبب الخبرات الماضية والتي من خلالها تم الاعتداء عليهم ( السلوكية تفسير التعلم الاجتماعي). هؤلاء الناس ربما ولدو مع ميل للاستجابة بسياق عدواني للنهديد ( المنهج البايلوجي). ولكن ربما هؤلاء قد نشأو في بيئة غير محبطة ( المنهج التحليلي) او في بيوت داعمة تم فيها تلبية حاجاتهم الاساسية( المنهج الانساني) حيث كانو قد تغلبوا على نزعاتهم العدوانية. النقطة الاساسية هنا هو ان كل منهج قد ساهم بشئ ساعدنا في فهم العدوان.
المثال 2: الكأبة. معظمنا يعرف ماهي الكأبة . نحن جميعا كان لنا ايام عانينا فيها قليل من السوداوية او الحزن. مثل العديد من زملائك ربما عانيت لفترة طويلة من حزن شديد ونقص في الدافعية للقيام بأي شئ. ايضا العديد منا تقلب في مزاج متغير ومستويات مختلفة من الاهتمامات والطاقة، بعض الناس يبدون اكثر عرضة للكأبة من الاخرين. مرة اخرى ، كل واحد من المناهج الستة للشخصية لديه تفسير مختلف للكأبة.
طبقا لسيجموند فرويد، مؤسس منهاج التحليل النفسي، الكأبة هي غضب استدار نحو الداخل. ولذلك الناس الذين يعانون من الكأبة لديهم مشاعر غير واعية من الغضب والعدائية. وربما يرغبون ليكونوا بعيدين عن افراد الاسرة، ولكن الشخصية السليمة لا تعبر عن هذه المشاعر بصورة علنية. المحللون النفسيون قالوا ايضا بان كلا منا قد استدخل قيم ومعايير المجتمع، والتي عادة ما لا تشجع على التعبير عن العدائية. ولذلك مشاعر الغضب هذه تستدار نحو الداخل، ولذلك يظهرها الناس على انفسهم. وكما هو الحال مع اغلب تفسيرات المحللين النفسين، فان هذه العملية تحدث في المستوى اللاشعوري.
منظري السمات اهتموا بالتعرف على الاشخاص المعرضين للكأبة. وجد الباحثين ان مستوى مشاعر الشخص الحالية هي مؤشر جيد لمشاعر الفرد في المستقبل. احدى فرق البحث قاست الكأبة لدى مجموعة من الرجال متوسطي العمر واعادة الاختبار لاحقا بعد 30 سنة ( Leon، Gillum، Gillum، & Gouze، 1979). . وجد الباحثين ارتباطا عاليا ولافتا بين مستوى كأبة الرجال في الوقتين المختلفين. فيما بعد ، دراسة اخرى وجدت ان مستوى الكابة في عمر 18 عام يمكن ان يتنبأ بها من خلال النظر في سلوك المشتركين في وقت مبكر من عمر ال7 سنوات ( Block، Gjerde، & Block، 1991).
علماء الشخصية البايلوجيين اشاروا الى الادلة من ان بعض الناس ربما يرثون جينات لها القابلية للكأبة (; Wender et al.، 1986 McGue، & Christensen، 1997 ). ان الشخص الذي يولد مع هذا الضعف (التحسس) Vulnerability يواجه احتماليه اكبر بكثير من الاخرين في ان يكون ردة فعلة لاحداث الحياة الضاغطة مصحوبة بكأبة. بسبب هذا الميل الوراثي ، بعض هؤلاء الناس يجربون نوبات متكررة من الكأبة خلال حياتهم.
منظري الشخصية ذوي الاتجاه الانساني يفسرون الكأبة وفقا لتقدير الذات self-esteem . حيث ان الاشخاص الذين يعانون من الكأبة هم اولئك الذين فشلوا في تطوير شعور جيد بذات قيمة self-worth . مستوى تقدير الفرد لنفسه ينشاء بينما ينمو الفرد ، ومثل كأي مفهوم في الشخصية، فهو ثابت نسبيا عبر الزمن والمواقف. القدرة على تقبل الذات، حتى مع اخطائها وضعفها، فهو هدف مهم للمعالجين ذوي الاتجاه الانساني عندما يتعاملون مع عميل يعاني من الكأبة.
المنهج السلوكيالتعلم الاجتماعي اختبروا نوع تاريخ التعلم الذي يقود الى الكأبة. علماء السلوك ناقشوا من ان الكأبة تنتج من نقص التعزيزفي حياة الفرد. ولهذا ربما تشعر بعدم القدرة وعدم الدافعية للقيام باي شي لانك ترى ان هناك نشاطات قليلة في حياتك تستحق القيام بها. نماذج واسعة من السلوك، غطيت في الفصل 14، افترض ان الكأبة قد طورت من خلال خبرات لمواقف كريهة والتي خلالها كان للناس سيطرة ضعيفة عليها. هذه النظرية تحافظ على ان التعرض لاحداث غير مسيطر عليها تخلق تصور من العجز والذي بدوره يعمم على مواقف اخرى والذي يمكن ان يتطور الى اعراض تقليدية classic من الكأبة.
بعض علماء الشخصية المعرفيون قد اخذوا هذا التفسير الى خطوة اخرى ابعد. علماء النفس هؤلاء افترضوا ان الافراد سواء اصبحو مكتأبين اعتمادا على تفسير عدم قدرتهم على السيطرة على الاحداث. على سبيل المثال الناس الذين يعزون عدم قدرتهم على الحصول على ترقية بسبب الركود الاقتصادي المؤقت سون لن يصبحوا مكتابين مثل الاشخاص الذين يعتقدون انها بسبب عدم كفاياتهم الشخصية. افترض علماء نفس معرفويون اخرون اننا نستخدم ما يشبه مرشح الاكتأب لتفسير ومعالجة المعلومات. هذا لان الاشخاص المكتابين قد تهأوا لرؤية العالم من مفهوم اكثر كأبة محتملة. ولهذا السبب ، الاشخاص الكأيبين يستطيعون استدعاء تعابير الكابة بسهولة. الناس والاماكن التي يواجهونها من المحتمل انها تذكرهم ببعض الاوقات الحزينه او غير السارة. بأختصار، الناس يصبحون مكتأبين لانهم استعدوا لتكوين افكار كئيبة.
اي من هذه الروايات حول الكأبة تدهشك باعتبارها اكثر دقة؟ اذا كنت قد اصبت بالكأبة ، فهل كان بسبب تقديرك المنخفظ لذاتك، او بسبب مواجهتك لمواقف غير مسيطر عليها، او بسبب انك تنظر الى العالم من خلال عدسة الكابة؟ كما في مثال العدوانية، واحد او اكثر من هذه المناهج ربما صحيح. ربما تكون قد وجدت ان نظرية واحدة يمكن ان تفسر ما مررت به من خبرات الكأبة في العام الماضي، في حين ان نظريات اخرى تبدو افضل لفهم النوبات الاخيرة. بالاضافة الى هذا ان النظريات في بعض الاوقات تكمل بعضها بعضا. على سبيل المثال، ربما يفسر الناس الاحداث عن طريق الكأبة لانهم تقديرهم لذاتهم منخفض.
درس اخر يمكن ان يستنبط من هذين المثالين: لا تحتاج لان توأم نفسك مع ذات المنهج في الشخصية عندما تقوم بتفسير ظاهرة مختلفة. على سبيل المثال، ربما تجد ان التفسير المعرفي للعدوان مثلت افضل معنى لديك، بينما المنهج الانساني اعطاك افضل توضيح للكأبة. هذه الملاحظة تبين ان النقطة الاساسية من هذا القسم: كل من المناهج الستة لديها شيء تقدمه لتثير اهتمام الطلبة في فهم الشخصية.
محاظرة رقم 3
الشخصية والثقافة Personality and Culture
تنبه علماء النفس الى الدور التزايد الذي تلعبه الثقافة في فهم الشخصية.بالنسبة لبعض الطلاب، فان هذا الرصد يبدوا من اوهلة الاولى غير متسق مع مفهوم الشخصية باعتباره متمايز عن تأثير الموقفي في السلوك. مع ذلك ، علماء نفس الشخصية في الدول الغربية المتطورة يفهمون ان العديد من الافتراضات الاساسية بالطريقة التي وصفناها وتدرس بها الشخصية ربما لا تنطبق عندما نتعامل بها مع الناس من ثقافات مختلفة (Church، 2001; Kitayama & Markus، 1994; Rozin، 2003) . ليس فقط الخبرات المختلفة في الثقافات المختلفة تؤثر في كيفية تطور الشخصية. بالاحرى علماء النفس وصلوا الى رؤية ان الناس وشخصياتهم تتماشى وفقا للسياق الثقافي.
ربما التمايز الاكثر اهمية بين الباحثين عبر الثقافات هو بين الثقافات الفردية وثقافة الجمعية(Triandis، 1989، 2001 ). الثقافات الفردية Individualistic cultures ،والتي تتضمن اغلب دول شمال اوربا والولايلت المتحدة، وهي تولي تركيزا كبيرا لحاجات الفرد وانجازاته. الناس في هذه الثقافات يعدون انفسهم على انهم مستقلين ومميزين. في المقابل، الناس في الثقافات الجمعية Collectivist cultures يهتمون بالانتماء الى مجموعة اكبر كالعائلة والقبيلة او الامة. وهؤلاء الناس اكثر اهتماما بالتعاون من التنافس. وهم يشعرون بالرضا عندما يكون الاداء الجماعي جيد وليس الاداء الفردي. واوصاف هذه الثقافة تنطبق على العديد من دول اسيا وافريقيا وامريكا الوسطى والعديد من دول امريكا الجنوبية. وبناء على ذلك، هذه المصطلحات درست بصورة مكثفة من قبل علماء نفس الشخصية الغربيين وهي تأخذ معاني مختلفة تماما عندما تدرس من قبل علماء من مجتمعات الثقافة الجمعية. على سبيل المثال، البحوث التي روجعت في الفصل 12 اقترحت بان تقدير الذات في الدول الغربية استندت على افتراض الاهداف الشخصية والشعور بالتميز وهذا ربما ليس له معنى لمواطني الدول الاخرى( Markus & Kitayama، 1991 ).
اكثر من ذلك، انواع السلوك التي اختبرت في بحوث الشخصية يمكن ان تأخذ بمعاني مختلفة اعتمادا على الثقافة. مثال على ذلك، ضل علماء الشخصية لسنوات عديدة مهتمين بالسلوك التحصيلي. وطبيعيا هذا يعني محاولة للتنبؤ اي من الاشخاص سوف يسير قدما في الدراسة الاكاديمية او في مجال الاعمال. مع ذلك هذا التعريف للتحصيل والنجاح غير متفق عليه عالميا( Salili، 1994 ). في بعض الثقافات الجمعية النجاح يعني التعاون والانجازات الجماعية. الاعتراف الشخصي ربما قد يكون مستهجن من قبل الناس الذين يعيشون في هذه الثقافات. وبالمثل علينا ان ناخذ بنظر الاعتبار المرجعية الثقافية للشخص حنيما نريد ان نتعرف على اضطراباته ومعالجتها (Fischer، Jome، & Atkinson، 1998; Lewis-Fernandez & Kleinmam، 1994; Okazaki، 1997 ). على سبيل المثال ان السلوك الذي يشير الى وجود اعتماد مفرط او انانية مبالغ فيها في احدى الثقافات ربما تعكس تكيف جيد في ثقافة اخرى.
و من الجدير بالذكر ان اغلب النظريات وكثير من البحوث التي غطيت في هذا الكتاب قد روجعت على اساس الثقافات الشخصية. في الحقيقة ان اغلب البحوث قد اجريت في الولايات المتحدة، البلد الذي وجد في احدى الدراسات على انه الاكثر فردية من بين 41 دولة اجريت عليها الدراسة( Suh، Diener، Oishi، & Triandis، 1998 ). هذا لا يعني ان نتائج البحوث يجب ان ترفض. ولكن يجب ان نضع في اذهاننا سواء اكان الوصف العملي ينطبق على الناس في جميع الثقافات فان السؤال يبقى مفتوحا. في بعض الحالات ، كما في بحوث محتوى الحلم التي قدمت في الفصل 4 و دراسات انماط الزواج التي قدمت في الفصل 10 ، وجد الباحثون نتائج متطابقة عبر جماعات ثقافية مختلفة جدا. وفي حالات اخرى، كما في تقدير الذات وامثلة التحصيل الدراسي، وجدوا اختلافات مهمة بين الثقافات. ان تحديد القيود الثقافية او عالمية الظواهر المختلفة يقدم لنا رؤية اضافية في طبيعة المفاهيم التي نقوم بدراستها.
دراسة الشخصية: النظرية، التطبيق، التقييم والبحث
The Study of Personality: Theory، Application، Assessment and Research
اذا قضيت بعض الوقت تتفحص جدول المحتويات في بداية الكتاب ، سوف تلاحظ ان الكتاب جزأ الى اقسام. كل قسم يقدم منهج مختلف من مناهج الشخصية. كل واحد من هذه الاقسام قسم الى اربعة اجزاء(في فصلين). هذه الاقسام تمثل العناصر الاربعة الضرورية لاكمال فهم الشخصية. كل قسم يبدأ بعرض نظرية. كل واحدة من نظريات الشخصية التي غطيت في هذه الصفحات تمثل نموذجا متكاملا لكيفية بناء وعمل شخصية الفرد. لكن علماء النفس لم يضمنوا ابدا وصفا بسيطا للشخصية. بل لدينا تاريخ طويل من المعلومات التي حصلنا عليها من النظريات والبحوث لتطبيقها في الاجابة على الاسئلة والمسائل التي تؤثر مباشرة على حياة الناس. تتضمن التطبيقات العلاج النفسي والتعليم والسلوك في اماكن العمل. تم اعطاء مثل حول الكيفية التي طبق بها علماء النفس نظرياتهم على هذه المواضيع باستخدم كل واحد من المناهج. علماء النفس الذين يعملون مع كل واحده من هذه المناهج عليهم ايضا ان يطوروا ويستعملوا طرق لقياس بناء الشخصية التي يدرسونها. اما التقييم فهومجال اخر مهم غطاها علماء نفس الشخصية مع كل منهج. تناثرة الامثلة عن اجراءات تقييم الشخصية في هذا الكتاب. اذا منحت نفسك وقت لتجريب هذه المقاييس inventories فانك لن تحصل فقط على فهم افضل لكيفية قياس الشخصية من قبل العلماء من مختلف المناهج، ولكن ايضا سوف تكون لك بصيرة على ما في داخل شخصيتك. بالاضافة الى هذا، مع كل قسم فان هناك فصل مكرس لبحث ذات صلة لذلك المنهج في الشخصية. بعد هذا كله فان علم نفس الشخصية هو علم. بواسطة فحص عدد قليل من المواضيع البحثية بتعمق لكل واحدة من هذه المناهج فأنك سوف ترى كيف تولد النظريات بحوث وكيف ان نتائج الدراسة تقود بشكل طبيعي الى اسئلة جديدة والى مزيد من البحث.
محاظرة رقم 4
النظرية Theory
كل منهج لفهم الشخصية بدا مع نظرية. هذه النظرية عادة اتت من كتابات عدد من علماء النفس المهمين الذين قدموا وصفهم لانماط السلوك الثابتة والعمليات الداخلية للفرد. لقد فسروا الاليات التي تكمن وراء شخصية الانسان والكيفية التي تكون فيها هذه الاليات مسؤلة عن تكوين نمط سلوك مميز لشخص بعينه. في معظم الحالات حاول المنظرين تفسير الكيفية التي تتطور فيها الاختلافات في الشخصية. العديد منهم ايضا وصفوا الطرق التي تتغير فيها الشخصية اعتمادا على نظرياتهم.
بالاضافة الى ذلك كل نظرية تميل الى التأكيد على جانب مختلف من الشخصية، وكل منظر عليه ان يتصارع مع عدة مواضيع عندما يصف طبيعة الشخصية الانسانية. القليل من هذه المواضيع يتم تقديمها في الاقسام القادمة. طريقة المنظرين في كل من المناهج الستة والتي تعامل بها عموما مع هذه المواضيع قد تم تقديمها في الشكل التخطيطي 1.1.
التأثيرات الجينية مقابل البيئية. هل مقولة ان الانسان يولد مع بذور شخصية البلوغ هي سليمة بالفعل؟ او اننا ندخل عالمنا بدون ميول شخصية موروثة، كل طفل يولد معافا فهو يماثل اي طفل اخر بحيث يمكن ان يصبح انسانا عظيما او مجرما او قائد او مريضا ذهانيا عاجزا؟ من الطبيعي فان هناك مجالا واسعا لاراء اخرى بين هاتين الرؤيتين. ولكن اغلب منظري الشخصية قد وضعوا السؤال التالي: الى اي مدى تكون شخصياتنا هي نتيجة للاستعدادات الوراثية، والى اي مدى تتشكل شخصياتنا بواسطة البيئة التي ننموا فيها؟ العديد من علماء السمات والاحياء قالوا ان في اغلب الاحيان قد فشل الكثير من علماء النفس في التعرف على اهمية النزعات الوراثية. وبدرجة اقل منظري التحليل النفسي ايضا ركزوا على الحاجات الفطرية وانماط السلوك، ولو في اللاوعي. بينما ان الانسانيين، السلوكيين/التعلم الاجتماعي ومنظري الاتجاه المعرفي فقد كانوا اقل احتمالا للتركيز على تاثير الوراثة في الشخصية. ان جواب هذا السؤال كان الى حد ما تجريبيا. لقد اشارة العديد من الدراسات الى اشتراك بعض العوامل الوراثية على الاقل في تطور الشخصية (الفصل 10).
الوعي مقابل اللاوعي في تحديد السلوك.Conscious versus Unconscious Determinants of Behaviour.
الى اي مدى يدرك الناس بواعث سلوكهم؟ عالم النفس سيجموند فرويد يقول ان اكثر ما نقوم به هو تحت سيطرة قوى اللاوعي، تلك التي من خلال تعريفها نحن غير قادرين على ادراكها. ب . ف. سكنر، وهو احد منظري السلوك المؤثرين، يقول ان الناس يزعمون انهم يفهمون بواعث تصرفاتهم بينما في الحقيقة هم لايفهمون. في المقابل، اعتمد منظري السمات والاتجاه المعرفي بقوة على بيانات التقرير الذاتي في تطوير نظرياتهم وبحوثهم. مثال على ذلك ، لقد افترضوا ان الناس قادرين على التعرف وتقرير مستوى قلقهم الاجتماعي او كيفية تنظيم المعلومات في عقولهم. مع ذلك علماء النفس هؤلاء بقوا محتاطين من المواقف المتطرفة في هذه المسألة. ادرك علماء النفس المعرفيون بشكل متزايد بان مقدار كبير من معالجة المعلومات تجرى في المستوى ما تحت الوعي. علماء النفس الانسانيين غالبا ما اتخذوا موضع وسط في هذا الموضوع. بالرغم من انهم وضحوا بانه لا احد يستطيع فهمنا اكثر من انفسنا، مع ذلك اعترفوا بان عدد كبير من الناس لم يفهموا لماذا تصرفوا بالطريقة التي تصرفوا بها.
الارادة الحرة مقابل الحتمية Free will versus determinism
الى اي مدى نقرر مصيرنا بايدينا، والى اي مدى يحدد سلوكنا من قبل قوى خارج سيطرتنا؟ هذا موضوع قديم في علم النفس وقد راج قديما عبر النقاشات الفلسفية واللاهوتية. على احد الاطراف نجد المنظرين من الاتجاه السلوكي / التعلم الاجتماعي والذين يدعون بالسلوكيين الراديكاليين Radical . ربما من اشهر من تكلم في هذا الموضوع كان ب. ف. سكنر والذي ادعى بان سلوكنا ليس مختارا تماما ولكنه نتيجة مباشرة للمحفزات البيئية التي نتعرض لها. سكنر دعاها خرافة الحرية. منظري التحليل النفسي اتخذوا موقفا اقل تطرفا ولكنهم ضلوا مركزين على الحاجات الداخلية واليات اللاوعي والتي تترك الكثير من سلوك الانسان خارج نطاق سيطرتنا. في الطرف الاخر كان منظري الانسانيين اللذن اكدوا على ان اختيار الشخص ومسؤليته هي حجر الزاوية في صحته العقلية. المعالجين النفسيين الانسانيين كانوا يشجعون عملائهم على الدوام للتعرف على المدى اللذين هم مسؤليين به عن حياتهم.
كان هناك وضوح اقل في هذا الموضوع عند منظري السمات والبايلوجيين والمعرفيين واللذن من الممكن انهم كانوا في وضع ما بين الاخرين. منظري السمات والبايلوجيين ركزوا غالبا على النزعات الجينية والتي تميل للحد من النمو في مجالات محددة. ولكن لا احد من علماء النفس هؤلاء قد برهن على ان الشخصية هي بالكامل نتيجة هذه النزعات البايلوجية. وبالمثل فان المعالجيين المعرفيين غالبا شجعوا عملائهم ليتعرفوا كيف يتسببوا بالكثير من مشاكلهم ويساعدوهم ليطوروا اليات يتجنبوا من خلالها الصعوبات المستقبلية.
التطبيق Application
من اكثر الطرق وضوحا لاستخدام علماء نفس الشخصية لنظرياتهم في تحديد الحاجات الشخصية والاجتماعية هي من خلال العلاج النفسي. ان العديد من علماء الشخصية الرئيسسين كانوا ايضا معالجين وهم طوروا وحسنوا افكارهم حول الشخصية الانسانية من خلال عملهم مع زبائنهم (مرضاهم). لقد كان المعلجين النفسيين من انماط مختلفة، كل منهم عكس افتراضات التي كونها المعالجين عن طبيعة الشخصية. على سبيل المثال، المعالجين التحليليون يعتقدون ان اللاوعي يسبب مشكلة السلوك. المعالجيين الانسانيين اكثر احتمالا للعمل بطريقة غير مباشرة لاعداد الجو الملائم والذي بواسطته يستطيع العملاء اكتشاف مشاعرهم. المعالجين المعرفيين يحاولون تغييرطريقة معالجة المعلومات من قبل عملائهم . بينما السلوكيون يقومون اساسا ببناء البيئة بحيث تزداد احتمالية تكرار السلوك المرغوب وتقليل السلوك غير المرغوب. نظرية وابحاث الشخصية استخدمت ايضا من قبل علماء النفس في التعليم والادارة والارشاد. في الفصل القادم ، سوف ترى ماذا قال منظري الشخصية حول الدين والتعليم الفعال واختيار المهن.
التقييم Assessment
ان الطريقة الي تقاس بها الشخصية من قبل علماء النفس تعتمد على اي من المناهج الستة التي يلتزمون بها. على سبيل المثال ان باحثي الشخصية عادة ما يستخدون استمارة التقرير الذاتي ، والتي من خلالها يجيب المستجيب على سلسلة من الاسئلة حول انفسهم. بينما يهتم علماء نفس التحليليون بصورة اكبر بما لا يستطيع الناس وصفه بصورة مباشرة. انهم يتعلمون حول بعض هذه الافكار اللاواعية من خلال الطلب من المستجيب الاستجابة لمثيرات قوية حيث يقوم عالم النفس بتفسيرها. علماء النفس السلوكييون التقليديون عادة ياخذون تكتيكا مغايرا في تقييم الشخصية. فهم لا يعيرون اهتماما بالمفاهيم والبنيات والتي تكون من المفترض موجودة اصلا في اذهان الناس. لتحديد انماط السلوك المتسقة، يقوم علماء النفس هؤلاء بمراقبة السلوك. على سبيل المثال علماء النفس السلوكييون اللذين يرغبون بقياس التعاون ربما يراقبون العاملين اثناء قيامهم بمهام جماعية. والشخص الذي يشترك بعدد كبير من السلوكيات التعاونية ( على سبيل المثال يساعد الاخرين في المجموعة، يساند الاخرين في اعمالهم، وهكذا) سوف يعرف على انه شخص متعاون . باختصار ، الطريقة التي يقيس بها عالم النفس الشخصية تعتمد على اعتقاده على ما هي الشخصية.
البحث Research
بالمقابل كان جهود هؤلاء تتركز على الفروق بين المناهج الستة، واحد فوائد ذلك انهم جميعا انتجوا عموما مقدارا معتبرا من البحوث ذات الصلة بالمواضيع. وكما سوف ترى ان هذه البحوث تختبر في احيان المبادئ والافتراضات الاساسية للنظرية. وفي احيان اخرى فان الباحثين اهتموا باكتشاف المزيد من المفاهيم التي قدمت بنظرية الشخصية. ان العديد من المجلات النفسية قد تحمست لنشر بحوث في الشخصية، والعديد من هذه المقالات المنشورة ذات الصلة بهذه المواضيع قد فحصت examined في هذا الكتاب. ان المواضيع التي اثارت باحثي الشخصية قد عدت وقدمت كنظريات جديدة وان النتائج الجديدة قد اثارت بحوث اضافية (Sharman، Buddie، Dragan، End، & Finney،1999 ). لقد طبق الباحثين النفسيين عدد كبير من الطرق في اطار جهودهم لكشف معلومات عن الشخصية (Craik، 1986; Endler &Speer، 1998; Mallon، Kingsely، Affleck، & Tennen، 1998) . انت لاتحتاج ان تفهم هذه الاجراءات بشكل كامل كي تقدر البحث الذي غطي في هذا الكتاب. ولكن سيكون من المفيد ان تكون لديك فكرة عن منهج اختبار الفرضيات والقليل من الاجراءات العامة التي استخدمت من قبل باحثي الشخصية. هذه المواضيع قد طرحت في الفصل القادم
محاظرة رقم 5
مناهج البحث في الشخصية
- منهج اختبار الفرضيات
منذ فترة ليست بعيدة ، كتبت “يائسة في دلاس” الى عمود النصائح في احدى الصحف حول ابن زوجها ذي ال 16 عاما، الذي يسكن معهم. الولد لا يريد العمل، لا يريد الذهاب الى المدرسة وهو على العموم كان ضيفا فوضويا. ماذا عليها ان تفعل؟ كاتب العمود شرح لل”اليائسة” ان مشكلة الولد الحقيقية كانت الرفض الذي تلقاه من والديه في المراحل المبكرة من حياته. خبرات الطفولة المبكرة كانت المسؤلة عن قلة دافعية الولد. في الاسابيع القلية اللاحقة، مستشار الجريدة شرح ل ” المتسائلة من بوسطن” من ان الولد ذي الخمس سنوات اصبح عدوانيا من كثرة مشاهدة برامج العنف على شاشة التلفاز. وهي اخبرت “المجهولة من هيوستن” ان ابنتها ذي الخمسة اعوام سوف تصبح قيادية، ومفتونه بالجمال, ايضا فان بعض الناس يكونون عاجزين بشكل روتيني ويشكون من الام واوجاع بينما اخرين يكونون قادرين على تجاهلها.
في كل هذه الامثلة, فان كاتب العمود اكتشف لماذا شخص بعينه ينغمس بسلوك معين بشكل مستمر, وهو ما يشكل شخصية الفرد. يعتقد ملايين الناس بان كاتب العمود لديه ما يقوله حول السلوك الانساني. ولكن كيف لها ان تعرف؟ هل الخبرة؟ الذكاء؟ الحرص على النظر داخل طبيعة الانسان؟ كل ذلك ممكن. بشكل او اخر, فان نصيحة كاتب العمود تمثل واحده من السبل لفهم الشخصية- من خلال وجهة نظر الخبير. ومن طرق اخرى فان كاتبة العمود تشبه منظري الشخصية العظماء الذين يقومون بدراسة اعمال الاخرين, ويقومون بملاحظاتهم الخاصة, ومن ثم يقومون بوصف ما يعتقدون انه يسبب سلول الانسان. وكما سوف ترى في الفصل الثالث, فان سيجموند فرويد اقترح العديد من الافكار الرائده حول الشخصية. لقد اطلع فرويد وقراء بشكل موسع حول ما قاله معاصريه حول السلوك. لقد عمل مع واستشار بعض عضماء المفكرين في وقته واللذين كانو مهتمين بالظواهر النفسية. كما راقب فرويد مرضاه بعناية, اللذين اتوا اليه مع مختلف المشاكل النفسية. ومن هذه المعلومات التي جمعت من كل تلك المصادر, طور فرويد نظرية في الشخصية والتي انفق في تعزيزها بقية حياته المهنية.
على الرغم من ان فرويد كان اكاديميا اكثر من كونه مجرد كاتب لعمود في مجلة فقد كانت كتاباته عادة تستحضر استجابات مشابهة: كيف عرف ذلك؟ كانت افكار فرويد مثيرة للاهتمام , كما ان حججه كانت مقنعة في نفس الوقت, لكن معظم علماء النفس الشخصية كانوا يحتاجون اكثر من مجرد وجهات نظر خبير قبل ان يقبلوا نظريته في الشخصية. انهم يريدون بحوث تجريبية. انهم يريدون دراسات لاختبار مفتاح التنبؤ الرئيسي للنظرية. انهم يريدون ارقام قوية لدعم هذه التنبؤات. وهذا لا يعني ان رأي الخبير ليس ذو قيمة. بل على العكس تماما, اراء وملاحظات منظري الشخصية تشكل العمود الفقري لهذا الكتاب. لكن النظريات لوحدها تعطي جانب واحد من الصورة. ان فهم طبيعة شخصية الانسان تتطلب ايضا اختبارما تعلمه علماء النفس من التجارب المخبرية الصارمة.
يقدم هذا الفصل مقدمة مختصرة لبحوث الشخصية, ابتداء من وصف لبعض المفاهيم الاساسية المصاحبة لاختبار فرضيات مناهج البحوث, مع التركيز على مواضيع مرتبطة بشكل اساسي ببحوث الشخصية. لاحقا سوف نلقي نظرة على اجراءات البحث التي لعبت دورا مميزا في تاريخ علم نفس الشخصية-وهي منهاج دراسة الحالة. لاحقا سوف نلامس بشكل بسيط ما سوف تحتاج لمعرفته حول التحليل الاحصائي للبيانات. اخيرا, سوف نراجع بشكل سريع بعض المفاهيم المرتبطة بقياس الفروق الفردية بالشخصية.
منهاج اختبار الفرضيةThe hypothesis-Testing Approach
في بعض المناسبات كل منا يعطي تخمينات حول طبيعة الشخصية. ربما تتسائل لماذا تبدو انت اكثر وعي ذاتي من الاخرين, لماذا يكون افراد الاسره غالبا مكتأبين, او لماذا لديك عدد كبير من الاصدقاء ذوي المشاكل. في الحالة التالية, ربما راقبت الطريقة التي تتصرف بها احدى الطالبات ذوات الشعبية مع الناس الاخرين وانت تقارن سلوكها بسلوكك مع الغرباء. ربما انت حاولت ان تغيير سلوكك ليصبح مشابها اكثر لسلوكها وراقبت لترى تأثير ذلك على ردت فعل الناس لك.
في الاساس, الفرق بين هذه العملية والتي يستخدمها علماء النفس تكمن فقط في درجة التطور. مثلنا جميعا, الباحثين في علم النفس يخمنون حول طبيعة الشخصية. من خلال الملاحظات, والمعرفة حول النظريات والبحوث السابقة, والتكهن بعناية, فان هؤلاء الباحثين يشتقون فرضيات حول سبب سلوك ناس بعينهم بالطريقة التي يتصرفون بها. بعد ذلك, باستخدام الطرق التجريبية, يقوم الباحثون بجمع البيانات لينظروا فيما اذا كانت توقعاتهم حول سلوك الانسان صحيحة. بما يشبه القطع في احجية كبيرة, كل دراسة تعطي اسهاما اخر في فهمنا للشخصية. مع ذلك, في الوقت الذي تصل فيه الى نهاية هذا الكتاب, سوف يتضح بشكل جلي ان هذه الاحجية سوف لن تتنتهي ابدا.
النظريات والفرضيات Theories and Hypotheses
اغلب بحوث الشخصية بدأت بنظرية- وهو بيان عام حول العلاقة بين بنيات constructs او احداث. تختلف النظريات في نطاق الاحداث او الظواهر التي تفسرها. بعض هذه النظريات كانت واسعة جدا, مثل اغلب نظريات الشخصية التي تم نقاشها في هذا الكتاب. علماء النفس استخدموا نظرية فرويد للتحليل النفسي لتفسير المواضيع متنوعة مثل تلك التي تسبب الاضطرابات النفسية, لماذا يعود الناس الى الدين, ولماذا تكون المزحة مفرحة. مع ذلك, باحثوا الشخصية يعملون بشكل اساسي مع نظريات اضيق نطاقا بكثير في التطبيق. مثال ذلك, ربما يتكهن الباحثين حول اسباب ان يكون بعض الناس اكثر دافعية للتحصيل من غيرهم او حول علاقة سلوك الاباء بمستوي تقدير الذات لاطفالهم. ربما من المفيد التفكير بنضريات كبيرة, كنظرية فرويد, كتجميع اكبر عدد من النظريات المحددة التي تتشارك في افتراظات حول طبيعة شخصية الانسان.
النظرية الجيدة تمتلك على الاقل خاصيتين. الاولى, ان النظرية الجيدة تكون شديدة البخل parsimonious . عادة يعمل العلماء تحت “قانون البخل” وهو ان النظرية البسيطة والتي تكون قادرة على تفسير الظاهرة تكون الافضل. وكما سوف ترى خلال هذا الكتاب, نظريات عدة يمكن ان تولد لتفسير اي سلوك. البعض يمكن ان يكون واسعا جدا, يتضمن العديد من المفاهيم والافتراضات, بينما النظريات الاخرى تفسر الظاهرة بمصطلحات بسيطة ذات صلة. اي نظرية هي الافضل؟ على الرغم انه في بعض الاحيان يبدو ان العلماء يستمتعون بتغليف اعمالهم بمصطلحات مثيرة ومفاهيم باطنية, والحقيقة هي لو كانت نظريتان قادرتان على المساهمة بشكل متساوي في تفسير ظاهرة, فان التفسير البسيط هو المفضل.
والثانية, ان النظرية الجيدة تكون مفيده useful . بصورة اكثر دقة, ما لم تكن النظرية قادرة على توليد فرضيات قابلة للاختبار, فانها سوف تكون محدودة الاستعمال او لا تستعمل من قبل العلماء.ان الافكار التي لايمكن ان تختبر علما ليس من الضروري ان تكون خاطئة. على سبيل المثال ان الناس عبر التاريخ قد اختبروا الاضطرابات نفسية باعتبارها شياطين غير مرئية تستولي على اجساد الناس. وهذه قد تكون افتراضات صحيحة او غير صحيحة حول اسباب الاضطرابات. ولكن ان لم تكن هذا التفسير قابل للاختبار بطريقة او اخرى, فان النظرية التي لايمكن التحقق من صحتها من خلال المناهج العلمية تكون بذلك ذات قيمة صغيرة عند العلماء.
مع ذلك, فان النظريات بحد ذاتها لم تختبر على الاطلاق. بالمقابل, فان الباحثين يستمدون ذلك من فرضيات النظرية القابلة للتحقق. ان الفرضية هي التنبؤ الرسمي حول العلاقة بين اثنين او اكثر من المتغيرات والتي تشتق بشكل منطقي من النظرية. على سبيل المثال, يهتم العديد من علماء النفس بالفروق الشخصية بالشعور بالوحدة( الفصل 12) . وهم يرغبون بمعرفة لماذا يعاني بعض الناس من الشعور بالوحدة بشكل مستمر, بينما يشعر الاخرين بها بشكل محدود. تفترض احدى النظريات بان الذين يشعرون بالوحدة ينقصهم المهارات الاجتماعية الضرورية لتطوير وادامة علاقات اجتماعية مرضية. ولان هذه نظرية مفيدة, فان العديد من التنبؤات يمكن ان تشتق منها بشكل منطقي, وكما موضح في الشكل 2.1. . مثلا , اذا وصفت النظرية اسباب الوحدة بشكل صحيح, فاننا من المحتمل ان نتوقع ان الناس الوحيدون سيقومون بمحاولات لبدء المحادثات بشكل اقل من الناس غير الوحيدين. التنبؤ الاخر يمكن ان يكون هؤلاء الناس الوحيدون لديهم افكار بسيطة حول اسلوب تصور الاخرين لهم. التنبؤ الاخر ربما هو ان الناس الوحيدون يذكرون عبارات غير مناسبة اجتماعيا اثناء الحديث بصورة اكبر مما يفعلة غير الوحيدون.
يمكن اختباركل واحدة من هذه التنبؤات , فمثلا , يمكن لنا ان نختبر التنبؤ الاخير عن طريق تسجيل محادثات لاناس وحيدين وغير وحيدين مع اناس تعرفو اليهم حديثا. يمكن ان يتم الحكم من خلال عدد الاستجابات المناسبة, وعدد الاسئلة المناسبة وهكذا. فاذا كان الاشخاص الذين يعدون انفسهم وحيدون تداخلو باجابات مناسبة اقل اثناء المحادثة, فان التنبؤ قد اوكد. وعندها سنقول ان لدينا دعم للنظرية. ولكن يجب الملاحظة ان النظرية لم تختبر بصورة مباشرة. في الحقيقة ان النظرية لايمكن ان تثب او تنفى. وانما النظرية يمكن ان تدعم بشكل اقل او اكبر عن طريق البحث وبذلك تكون اكثر او اقل فائدة للعلماء في فهم الظاهرة. كلما استطاع البحث ان يثبت التنبؤ المشتق من النظرية, كلما اصبح علماء النفس اكثر ايمانا بان النظرية اكثر دقة في وصف طبيعة الاشياء. ولكن اذا كان البحث التجريبي قد فشل بصورة مستمرة في اثبات التنبؤات, فان احتمالية قبولنا للنظرية سيكون اقل. وفي هذه الحالات, فان العلماء يقومون عادة بانشاء نظرية جديدة او تعديل القديمة لتصبح اكثر ملاءمة لنتائج البحوث.
المتغيرات التجريبية Experimental Variables
ان تقدم البحث الجيد يكون من النظرية الى التنبؤ ثم الى التجريب. ان الوحدات الاساسية لاي تجربة هي المتغيرات التجريبية, والتي تقسم الى نوعين: المتغيرات المستقلة independent variables والمتغيرات التابعة dependent variables. ان المتغيرات المستقلة هي التي تحدد كيف تقسم المجموعة التجريبية , مثلا عندما يتم توزيع المشاركين عشوائيا على مختلف الظروف التجريبية. يمكن ان يكون المتغير المستقل هو كمية الدواء الذي تتناوله كل مجموعة, او مقدار القلق الذي يستحدث في كل مجموعة, او نوع القصة التي تقرئها كل مجموعة.على سبيل المثال, اذا كان مستوى القلق هو المتغير المستقل فمن المحتمل ان الباحث يخبر المجموعة A بانهم سيلقون خطابا امام عدد كبير من النقاد, بينما المجموعة B ستلقي خطاب امام عدد قليل من المشجعين والداعمين لهم, والمجموعة C لا يلقون اي خطاب. ولان المجموعات انشأت عن طريق المعاملة المختلفة قليلا في المتغير المستقل, فان بعض الباحثين يشيرون الى المتغير المستقل على انه متغير التعامل treatment variable.
اما المتغير التابع dependent variable فهو الذي يقاس بواسطة الباحث ويستعمل لمقارنة المجموعات التجريبية. في دراسة جيدة التصميم, فان الاختلافات بين المجموعات في المتغير التابع يمكن ان تسهم في مستوى الفرق بالمتغير المستقل. بالعودة الى مثال القلق, افترض ان فرضية الباحث كانت ان الناس تقلل القلق حول الاحداث القادمة عن طريق الحصول على اكبر كمية ممكنة من المعلومات حول الموقف. يمكن للباحث ان يستخدم مستوى القلق كمتغير مستقل, ويحدث ظروف قلق عالي, ومتوسط ومنخفض . يمكن ان تقارن المجموعات الثلاثة في عدد الاسئلة التي تطرحها كل مجموعة على المختبرحول الحدث القادم.في هذه الحالة, فان عدد الاسئلة هو المتغير التابع. يمكن لنتائج التجربة ان تكون كالتالي:
|
قلق عالي |
قلق متوسط |
قلق منخفظ |
معدل عدد الاسئلة
|
5.44 |
3.12 |
1.88 |
فاذا كانت التجربة قد صممت بشكل صحيح, فان المجرب سوف ينسب الفرق في المتغير التابع (عدد الاسئلة) الى فرق المستوى في المتغير المستقل (القلق). ولان المجربين يرغبون في القول ان الفروق في المتغير التابع هو نتيجة اختلاف المعاملة التي تلقتها كل مجموعة, فان بعض الباحثين يشيرون الى المتغير التابع على انه متغير الناتج(الحصيلة) outcome variable.
مع ذلك, فان اغلب باحثي الشخصية هم اكثر عمقا مما ذهب اليه في المثال السابق. فان الباحثين يستخدمون عادة اكثر من متغير مستقل واحد. ففي مثال البحث عن المعلومات, اي مجرب ربما يرغب في تقسيم المشتركين الى مجموعات طبقا لمدى خجلهم. ربما يتنبأ الباحث من ان القلق يؤدي الى البحث عن المعلومات, ولكن فقط عند الاشخاص غير الخجولين. ان الباحثين في مثل هذه الدراسة الافتراضية قد يستخدمون متغيرين مستقلين لتقسيم المشاركين في مجموعات. ربما يختارون المشاركن عشوائيا اما في مجموعة القلق (المشاركين بخطاب) او مجموعة غير القلقة, ويتعرفون على الاشخاص الخجولين وغير الخجولين في كل من هاتين المجموعتين. فاذا بقى المتغير التابع يتمثل بعدد الاسئلة التي تطرح على المجرب, فان النتيجة سوف تتغير كما في الشكل 2.2 . يوضح هذا الشكل ما يدعي بالتداخل interaction. وهو كيف يأثر متغير مستقل واحد في متغير تابع اعتمادا على متغير مستقل اخر. في هذا المثال, سواء كان القلق يؤدي الى زيادة في الاسئلة اعتمادا على ما اذا كان المشاركين ذوي خجل عالي او منخفض.