المحاضرة السادسة
انتخابات عام 1927 ومنهاج وزارة عصمت اينونو
واصل مصطفى كمال اجراءاته التحديثية ولأجل ان يضمن تحقيقها دون مشاكل اخذ يعمل على تركيز سيطرة حزب الشعب الجمهوري الذي يترأسه على السلطة لا يجاد الأرضية المناسبة لتمرير اجراءاته القادمة . وهكذا انهي العمل بقانون ” إقرار السكون” الذي صدر على اثر اندلاع الحركة الكردية في عام 1925 في 2أذار 1927 . ودعمت الحكومة حزب الشعب ليقوم بانتخاب ممثلية للدورة القادمة للمجلس الوطني الكبير . وتلاقيا لظهور معارضه في المجلس يمكن ان تعارض او تؤخر اجراءات التحديث , اختار مصطفى كمال مرشحي المجلس من بين اعضاء حزب الشعب الجمهوري او ما يسمى بالشعبة الحزبية البرلمانية داخل المجلس وجعل رئيسها رئيسا للمجلس .
اسفرت الانتخابات التي جرت في 12 ايلول عن فوز مرشحي حزب الشعب الجمهوري , وعند التئام المجلس في بداية تشرين الاول 1927, انتخب مصطفى كمال رئيسا للجمهورية , وقدم عصمت باشا استقالة وزارته فأعاد مصطفى كمال تكليفه بتأليف الوزارة , فأعاد تأليفها من الوزراء السابقين انفسهم .
وفي 15 تشرين الاول 1927 عقد حزب الشعب الجمهوري مؤتمره الثاني الذي حضره (315) مندوبا هم مجموع أعضائه بينهم النواب الجدد في المجلس الوطني . وافتتح مصطفى كمال المؤتمر بخطابة التاريخي الكبير الذي استغرق القاؤه (36) ساعة موزعة على ستة ايام واستعرض فيه اعماله واعمال حزب الشعب من مؤتمر سيوأس حتى تلك الحظة . كما اقرت في هذا المؤتمر هذا المؤتمر المبادئ الاربعة الاولى من البادئ الرئيسية للعقيدة الكمالية , وهي الجمهورية والقومية والعلمانية والشعبية , فأصبحت هذه المبادئ رسميه بعد ان ادرجت في منهاج الحزب , وقد استمر التدريج بعد ذلك في تطبيق المبادئ الكمالية حتى اكتملت في المؤتمرات التالية لحزب الشعب الجمهوري .
اعلن عصمت باشا وزارته الجديدة في 3 تشرين الثاني 1927 وقد ركز المنهاج الجديد جهوده لاستكمال التطورات العلمانية واستبدال الحروف العربية بالأحرف اللاتينية في كتابة اللغة التركية والاهتمام بالتعليم والتسريع بعملية التصليح وغير ذلك . العام 1928 تشريع جديد يقضي بتعديل المادة الثانية من الدستور التي تنص على ان الاسلام دين الدولة الرسمي , كما عدلت صيغة القسم الوارد في المادتين (16) و (38) من الدستور فاستبدلت من ” اقسم بالله ” الى ” اقسم بشرفي ” وفي هذه السنه ايضا عمدت الحكومة التركية الى ادخال الحروف اللاتينية بدلا من الحروف العربية التي كانت تكتب اللغة التركية مع ادخال تغيرات بسيطة لتلائم النطق التركي وتسميتها بالأحرف التركية كما ادخلت الارقام اللاتينية بدلا من الارقام العربية .
يبدو ان هذا العمل لم يكن من بنات افكار ومصطفى كمال وحده , فقد اتخذ قرار باستخدام الحروف اللاتينية بدلا من الحروف في مؤتمر باكو للشعب التركية المنعقد بين شباط واذار1926 والذي حضرة مندوبون عن تركيا ومن هناك انتقلت الفكرة الى الاتراك .
طبقت القيادة التركية هذا القرار بحماس بالغ , فكان على موظفي الدولة اجتياز اختبار يظهر قدرتهم على الكتابة بالأحرف الجديدة , وفي الاول من تشرين الثاني 1928 منع استخدام الاحرف العربية نهائيا وادخل ذلك في نص المادة الثانية عشرة من الدستور التي نصت على اعفاء من لأيتمكن من الكتابة بالأحرف (التركية) من عضوية المجلس الوطني , وبذلك قطع مصطفى كمال دابر الاتصال السهل لجيل الشباب بالخزين التاريخي الفكري لا سلافهم من الاتراك وصدرت الكتب التركية المكتوبة بالعربية الى جهات اخرى مثل مصر والهند .
اكدت وزارة عصمت باشا فيما اكدت علية , على اصلاح التعليم وجعلة يتلائم مع السياسة العلمانية التي انتهجتها السلطة في تركيا الكمالية ولذلك نصت احدى مواد الدستور على اصلاح التعليم , وعلى هذا الاساس صدر قانون جديد في اذار 1924 يقضي بتوحيد منهاج التعليم في جميع المدارس الاهلية والحكومية والدينية تحت اشراف وزارة المعارف . واصبح التعليم اجباريا ومجانيا في مستوى الدراسة الابتدائية , وادخل نظام الاختلاط في جميع مراحل الدراسة الامر الذي ادى الى زيادة كبيرة في اعداد الطلبة ونقص واضح في بنايات المدارس واعداد المعلمين مما دفع الحكومة الى زيادة حصة التعليم من التخصيصات المالية ضمن الميزانية العامة واصبحت منذ العام 1927 تؤلف المرتبة الاول من حيث الضخامة بعد ما هو مخصص للدين العثماني من بين قطاعات الحياة الاخرى غير العسكرية .
كما ادخلت الحروف الجديدة في مجال التعليم اعتبارا من العام 1928 ان تعليم القراءة والكتابة وفق الحروف الجديدة اسهل من ذي قبل على حد زعيمهم اسهمت هذه الحملات في زيادة نسبه المتعلمين التي وصلت بعد ثلاثين عاما الى 40% من مجموع السكان بعد ان ككانت لا تتجاوز 10% في نهاية العشرينات , غير ان ذلك لم يكن بسبب استخدام الحروف الجديدة بل كانت نتيجة لعوامل اخرى في مقدمتها الجهود الحديثة التي بذلتها السلطة في هذا الشأن