المحاضرة الثانية
خصائص دول العالم الثالث
لقد تضافرت عوامل عديدة لكى تخرج هذه الدعوة من نطاق التضامن والتنسيق الإقليمى على مستوى قارتى آسيا وأفريقيا لكى تصبح حركة عالمية تتسع لكى تشمل تقريبا كافة الدول التى. تقع عضويا خارج الأطر التنظيمية لمجموعة الدول الرأسمالية بقيادة الولايات المتحدة والاشتراكية بقيادة الاتحاد السوفيتي. ومن أهم هذه العوامل ما يلى :-
- انجذاب حركات التحرر فى العالم نحو هذا التيار الجديد بل وارتباطها بقياداته منذ البداية وهو ما أدى إلى أن تصبح الدول المستقلة حديثا وخصوصا فى أفريقيا وآسيا جزءا من هذا التيار.
- تمرد دول أمريكا اللاتينية على هيمنة الولايات المتحدة على القارة خصوصا بعد انتصار الثورة الكوبية وبداية اقتراب هذه الدول تدريجيا من التيار الجديد، وهو ما كان له اثر حاسم فى عالمية التيار الجديد.
- تبنى بعض الدول الأوروبية، وفى مقدمتها يوغوسلافيا التى كانت وما تزال واحدة من قادة عدم الانحياز، لمجمل مطالب العالم الثالث وانخراطها عضويا فى الأشكال المؤسسية الرامية إلى تنظيم صفوفه. ومن هذه الدول مالطة وقبرص. وهكذا أصبحت حركة العالم الثالث عالمية بكل معنى الكلمة وخرجت من إسارها الإقليمى الأفرو-آسيوى لتشمل عديدا من دول أمريكا اللاتينية وبعض دول القارة الأوروبية.
ورغم الانتشار الهائل لهذا المفهوم إلا أنه يستخدم بمضامين متعددة تختلف من كاتب آخر.
وأيا كان الأمر فمن الضرورى للإحاطة بموضوع ” العالم الثالث فى التنظيم الدولى ” أن نحدد الدول التى تندرج تحت هذا المفهوم. وربما كان أفضل طريق لذلك هو أن نحاول التعرف على مضمونه من خلال محاولة استبعاد الخلط الشائع بينه وبين مفاهيم أخرى تستخدم أحيانا كمفاهيم مرادفة له مثل مفهوم ” الدول النامية ” و ” دول عدم الانحياز ” و “دول القارات الثلاث” .. الخ.
أولا : يتعين أن نذكر بأن ” العالم الثالث ” ليس مفهوما جغرافيا.
فعلى الرغم من أن الغالبية العظمى لدول ما اصطلح على تسميته بالعالم الثالث تنتمى جغرافيا إلى القارات الثلاث : أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، إلا أن هناك دولا عديدة تدخل جغرافيا فى نطاق هذه القارات الثلاث لكنها لا تنتمى سياسيا أو اقتصاديا للعالم الثالث. ومن هذه الدول اليابان وإسرائيل وجنوب أفريقيا بل والصين أيضا. كما أن هناك دولا تقع جغرافيا فى نطاق القارة الأوربية ولكنها تنتمى سياسيا أو اقتصاديا للعالم الثالث مثل يوغوسلافيا وقبرص ومالطة.
ثانيا لا يعتبر العالم الثالث مفهوما اقتصاديا فقط :-
لأنه ليس تجمعا للدول الفقيرة أو المتخلفة فى مواجهة الدول الغنية أو المتقدمة. إذ أن متوسط دخل الفرد فى بعض الدول التى تنتمى تقليديا للعالم الثالث، مثل بعض دول الخليج العربى، يعتبر من أعلى متوسطات دخل الفرد فى العالم كله، كما أن متوسط دخل الفرد وكذا هيكل الاقتصاد الوطنى فى عدد من الدول الأوربية التى لا تنتمى للعالم الثالث، مثل اليونان والبرتغال يماثل أو يقترب من متوسط الدخل الفردى أو هيكل الاقتصاد الوطنى فى العديد من الدول التى تنتمى تقليديا للعالم الثالث. يضاف إلى ذلك أن العالم الثالث لا يضم دولا تأخذ بنظام اقتصادى معني لأنه يضم دولا تأخذ بنظام الاقتصاد المخطط مركزيا وأخرى تأخذ بنظام يقوم على إطلاق المبادرة الفردية إلى أوسع مدى وثالثة تأخذ بنظام اقتصادى مختلط .
ثالثا : لا يعتبر العالم الثالث مفهوما سياسيا خالصا.
فهو ليس تجمعا سياسيا لدول تتشابه نظمها السياسية أو عقائدها الأيديولوجية. فالعالم يضم دولا ” ماركسية ” أو شيوعية ” مثل كوبا أو كوريا الشمالية أو كمبوديا أو لاوس أو ” اليمن الجنوبية ” ودولا أخرى تتباين نظمها السياسية أو توجهاتها الأيديولوجية تباينا ضخما وتتراوح بين نظم الحكم العسكرى الفاشى أو الحكم الانوقراطى بتنويعاته المختلفة وبين نظم الحكم الثيوقراطية أو الدينية بتنويعاتها المختلفة أيضا.
ومن هنا نجد أن مفهوم العالم الثالث ينصرف إلى الغالبية العظمى بين دول العالم التى لا تنخرط بشكل مباشر فى التنظيمات السياسية – العسكرية أو الاقتصادية للكتلتين الشرقية أو الغربية أى تلك الدول غير المنضمة لحلف الأطلنطى أو حلف وارسو أو منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية والكوميكون والتى تشترك فى عدد من التوجهات السياسية والاقتصادية العامة مثل مناهضة الاستعمار وعدم الانحياز والرغبة فى إقامة نظام اقتصادى عالمى جديد.
وجدير بالذكر أن “العالم الثالث” بمفهومة هذا لا يشكل كتله أو حتى جماعة منظمة وإنما هو يشكل إطارا عاما يضم أجزاء أو قطاعات متمايزة، ويشتمل على دول تنخرط فى هذا الإطار أو دول قريبة منه دون أن تصبح جزءا عضويا فيه. وبهذا المعنى يمكن القول أن “العالم الثالث” يشمل كافة الدول الآسيوية ودول الباسفيك فيما عدا الصين، واليابان واستراليا ونيوزيلندة، وكافة دول أمريكا اللاتينية وكافة دول الشرق الأوسط فيما عدا إسرائيل، وكافة الدول الأفريقيا فيما عدا جنوب أفريقيا وروديسيا وناميبيا، بالإضافة إلى بعض الدول الأوربية مثل مالطة وقبرص.
ويمكن تصنيف خصائص دول العالم الثالث كما يلي :-
1. الخصائص الاجتماعية:
- نمو ديمغرافي كبير بسبب ارتفاع نسبة الخصوبة .
- أمد الحياة ضعيف بسبب قلة الإمكانيات الطبية وضعف المستوى المعيشي .
- هجرة مكثفة من البوادي إلى المدن .
- أمية مرتفعة.
2. الخصائص الاقتصادية:
- تصدير المواد الأولية .
- عدم تحقيق الاكتفاء الذاتي في المواد الاستهلاكية .
- ضعف الاستثمارات الصناعية .
- غياب التكامل بين القطاعات الاقتصادية .
- ارتفاع المديونية الخارجية .
- التبعية الاقتصادية للدول الاستعمارية السابقة .