المحاضرة الأولى
طرائق التدريس
طبيعتها . مناهجها . الحاجة اليها
تعد مهنة التعليم واحدة من المهن المهمة في جميع المجتمعات ,لها طبيعتها الخاصة واهدافها واساليبها ,وتستمد هذه المهنة اهميتها من مصادر كثيرة اهمها محتواها التربوي والاجتماعي واثار نتائجها في الفرد وف المجتمع . فهي المهنة الوحيدة التي تستطيع ان تطبع امة او شعباً باسرة بطابع معين على وفق قيم واهداف معينة .
والتعليم هو اداة التربية , وهو بمعناه السليم نشاط فعال يستهدف تربية الفرد او تنميته ليكون مواطناً قادراً على ان يتفاعل بايجابية مع مؤثرات بيئته الطبيعية والاجتماعية فيتكيف لها ويشعر بقدرته ومسؤوليته من التاثير فيها على نحو يؤدي الى تطويرها .
ان النظرة الحديثة الى التعليم تنبثق من خلال كونه عملية انتاجية ترتبط بالمشاريع التنموية في المجتمع ولمواجهة التفجر السكاني والتراكمات العلمية والتطورات التكنولوجية اضافة الى الكائنات البشرية تمر خلال نموها بمراحل تتميز كل منها بخصائص ,وتواجه مشكلات ومطالب تضع اما التربية والتعليم مهمات كبرى تجعل مهنته غير سهلة وذات طبيعة خاصة تحتاج الى مواصفات معينة .
اهمية طرائق التدريس والحاجة اليها :
يوم كان المجتمع بسيطاً في علاقته واهدافه ومحدوداً في عدد مؤسساته كانت حاجته من المواصفات والكفاءات في مواطنيه هي الاخرى بسيطة ومحدودة .
اما الان والحياة تزخر بالتطورات الجذرية الشاملة نحو حياة افضل فقد اتسعت وتفحت العلاقات وتعددت الطموحات ونشأت الحاجة الى الكفايات المتنوعة والمؤهلات التي ينبغي ان تتوافر في مواطني المجتمعات المتطورة حيث شاعت المعرفة وكثرت اساليبها مماادى الى ازدياد اهمية التربية والتعليم وتطوير الكوادر المهنية والمؤسات المسؤولة عنها .
لم تعد عملية التعليم او التدريس عملاً سهلاً يقوم به كائن من كان من دون اعداد وتدريب على وفق مناهج خاصة للتاهيل العلمي والتربوي ولايكتب لها النجاح في مهنته مالم يمتلك خلفية علمية عميقة في الموضوعات التربوية وطرائق التدريس وغيرها . لان بدونها سيعرض نفسه للفشل والارتباط .
واذا اردنا ان نوجز العوامل التي ادت الى حاجة المعلم لمعرفة طرائق التدريس استطعنا ان نذكر منها :
- 1-يعد الانسان قيمة عليا وهو الغاية والوسيلة في ان واحد لتحقيق التغير الاجتماعي وان هذا الاتجاه يضع امام المعلم مسؤوليات لايستطيع مواجهتها الا اذا كان ملماً بفنون التعليم واساليبه المختلفة .
- 2-الثورة العلمية الغزيرة في الموضوعات المتعلقة مباشرة بعملية التدريس مثل علم النفس التربوي والنظريات التربوية وخصائص النمو واستعمال الوسائل التعليمية الحديثة في بناء الانماط السلوكية للانسان وغيرها الى جانب بروز ظاهرة التخصص في العمل من اجل النجاح في المهنة . ان حاجة المعلم الان الى معرفة هذه الثروة والى التطبيقات العلمية والتعليمة اصبحت ضرورة لا غنى للمعلم عنها .
-1-
3- تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص التربوية بين جميع المواطنين فالزامية التعليم ومجانيته دفعت الى المدارس اعداداً كبيرة من التلاميذ من اعدادات وخلفيات اجتماعية واقتصادية متباينة الامر الذي ادى الى زيادة الفروق الفردية بين تلاميذ الصف الواحد . وهي حالة تستدعي ان يكون المعلم على دراية جيدة ومعرفة كافية بطرائق التدريس المختلفة وحاجته الى اكبر عدد ممكن من طرائق التدريس .
4- كما تكمن اهميتها والحاجة اليها في ثلاث جوانب اخرى وهذه الجوانب هي ((المعلم التلميذ,المنهج)) .
- أ-للمعلم / نجد ان طريقة التدريس تعينه على الوصول الى اهدافه بوضوح وتسلسل منطقي محرزاً عن طريقها اقتصاداً في الجهد والوقت ,مما يجعله قادراً على المطاولة والاحتفاظ بحيويته وطاقته لانارة الاخرين بفاعلية اكثر ,كما انها تتيح فرصة استغلال الوقت المتوفر افضل استغلال .
- ب-كما تاتي اهميتها بالنسبة للتلاميذ حيث تتيح لهم متابعة المادة الدراسية وبتدرج مريح كما انها توفر لهم فرص الانتقال المنظم من فقرة الى اخرى بوضوح تام وبخاصة بعد تعرفهم على الاسلوب التعليمي الذي يعتمده المعلم في تدريسه فيحقق الاتصال الجيد بينه وبينهم .
ج- اما اهميتها للمادة الدراسية فمن المعروف ان الهدف الاساس من التعليم هو نقل المادة او المعلومات او المهارات الى التلاميذ بهدف تنمية شخصياتهم للاسهام في تنمية المجتمع فيما بعد لذلك فان التدريس ينبغي ان يقود الى احراز تعلم شيء جديد او تطوير مهارة ما والتاكد
من انها فهمت واستوعبت فكلما كانت الطريقة ملائمة للمتعلمين من حيث التوقيت والمستوى والاسلوب والوسائل كانت كمية المادة المستوعبة ونوعيتها وكفاءتها التعليمية اعمق وادق واكثر ثباتاً وارقى مستوى .
وتاسيساً على ماتقدم فمن العوامل الداعية الى ضرورة دراسة المعلم طرائق التدريس والذي يعد مدخلاً طبيعياً الى حقيقة مهمة ,. وهي ان المعلم يحتاج الى معرفة اكبر عدد من طرائق التدريس واساليبه اسباب كثيرة منها .
- 1-ان المعلمين والمدرسين في العراق هم مثل غيرهم في اقطار العالم يقومون بتدريس اكثر من مادة او مقرر دراسي واحد وان تعدد وتنوع طبيعة كل مادة يستلزم بطبيعة الحال استخدام اكثر من طريقة عند تدريسها . فاذا علمنا ان المزج بين هذه الطرائق هو الامر المفضل حتى في الدرس الواحد فقد اصبح واضحاً ماتعني ضرورة حصول المعلم على اكبر عدد من طرائق التدريس .
- 2-ان العوامل التي تحدد نجاح او فشل الطريقة التدريسية كثيرة جداً منها المعلم وعدد تلاميذ الصف , واختلاف مستوياتهم وقدرتهم الفردية والوسائل التعليمية ومفردات المنهج ووسائل التقويم والامتحانات ,لذلك فاننالانجد طريقة واحدة تفضلها على الطرائق الاخرى او نعتمدها في التدريس دائماً .بل نجد ان في كل منها جوانب ضعف وجوانب قوة حسب مايتوافر بها من الضروف والعوامل والمؤثرات . فاقتصار المعلم على طريقة واحدة يعرض التلاميذ بجوانبها السلبية . على العكس مما لو امتلك المرونة في استخدام عدد من الطرائق مستفيداً من جوانبها الايجابية متجنباً ما فيها من جوانب الضعف.
- 3-ان بين التلاميذ فروقاً فردية كثيرة تحتم التنويع في التعامل معهم وفي طرائق تدريسهم , والمعلمون هم الاخرون بينهم فروق فردية ايضاً . ومن طبيعة الحال ان يختار
-2-
كل معلم الطريقة التي يراها اكثر من غيرها ملائمة لميوله واستعدادته ومؤهلاته ولحاجات التلاميذ والضروف المحيطة بعمله .
ولكي يستطيع المعلم ان يجعل اختياره واعياً للطريقة التدريسية عليه ان يعرف عدداً من طرائق التدريس وان يتعرف ويتدرب على تطبيقها . ويبقى المبدأ سليماً وهو ان خروج المعلم عن طريق الجمود في التدريس وتجريبه مزيجاً من الطرائق هي من علامات النضج والاقتدار والاخلاص في المهنة .
- مفهوم طريقة التدريس :
ان التعليم او التدريس نشاط انساني يتاثر بعوامل كثيرة منها التلميذ والمعلم والعلاقة بينهما والمادة العلمية والطريقة والاهداف والضروف المادية المحيطة به . وان هذه العوامل استاثرت باهتمام كبير من مسؤولين ومربين وباحثين وبخاصة فيما يتعلق بطرائق التدريس التي استقطبت الكثير من الاهتمام حيث تداولت الادبيات والبحوث والدراسات التربوية الفاظاً تعددت حتى اصبح لكل منها معنى خاصاً بها ومن هذا الالفاظ ” الطريقة” “الاسلوب ” “الوسيلة “
“النظام “”الاجراء ” “المنهج “” والاستراتيجية ” ان جميع هذه المسميات تنضوي تحت مسمى واحد هو ” الطريقة كما ان هذه المسمات الى تعدد التعريفات المتعلقة بطريقة التدريس .
ان لفظ “طريقة ” يستخدم في التربية عادة للتعبير عن “مجموع الانشطة والاجراءات التي يقوم بها المعلم والتي يتبع اثارها على ما يتعلمه التلاميذ ” وعند تحليل هذا التعريف نراه يتضمن :
- 1-انهاانشطة واجراءت .
- 2-ان هذه الانشطة يقوم بها المعلم .
- 3-ان هذه الانشطة ذات اثار تظهر على ماسيتعلمه التلاميذ بعد مزاولتهم النشاطات وهناك من ينظر الى الطرائق على انها “استراتيجيات تدريسية لتحقيق اغراض معينة في التدريس .والاستراتيجية في التدريس هي مجموعة الطرائق والتقنيات التي تضمن تحقيق الاغراض الموضوعة ” ويؤكد هذا التعريف للطريقة انها :
- 1-استراتيجيات أي نشاطات واساليب مختلفة .
- 2-ان هذه النشاطات تستهدف تحقيق اهداف مرسومة .
ويؤكد تعريف اخر ان الطريقة التدريسية هي ” الاسلوب الذي يستخدمه المعلم لتوجيه نشاط التلاميذ والاشراف عليه من اجل احداث التعلم المنشود لديهم ” وواضح هنا ان الطريقة تتضمن :
- 1-الاسلوب الذي يستخدمه المعلم في التدريس لتوجيه النشاطات التي سيزاولها التلاميذ باشراف المعلم .
- 2-ان الهدف فهو احداث التعليم لديهم وهذا الهدف يؤثر في توجيه نشاطات الدرس والاشراف عليها .
وينفرد التعريف التالي بطريقة التدريس بكونه اكثر التعريفات الاخرى شمولاً واوضحها فهو يرى ان المقصود بها هو ” النظام الذي يسير عليه المعلم فيما يلقيه على التلاميذ من دروس ,وما يبعثم الى تحصيلية من مهارة ونشاط ,وحتى يكتسبوا الخبرة النافعة , والمهارة اللازمة والمعلومات المختلفة ,من غير اسراف في الوقت والجهد وبشكل
-3-
يقربهم من الاغراض السامية التي نرمي اليها في التربية ” ولقد توافرت لهذا التعريف ميزات منها .
- 1-ان الطريقة نظام يسود النشاطات التي يقدمها المعلم والتي يمارسها التلاميذ .
- 2-تفصيل لما يكتسبه التلاميذ من نتائج النشاطات المتضمنة في الطريقة فهي خبرة نافعة ومهارة مطلوبة ومعلومات وحقائق عن مادة الدرس .
- 3-اشارة الى العامل الاقتصادي في التعليم ,وهو اتجاه حضاري حديث في التربية والتعليم ,يحسب للزمن وللجهد حسابها فيما يتعلمه الانسان ولقد ساعدت التكنلوجيا الحديثة في التعليم تدعيم هذا الاتجاه .
- 4-ان النظرة الى الطريقة بكونها نظاماً ينسجم كثيراً مع ميزاتها الاخرى في تاكيدها على تحقيق الاهداف التربوية بكفاءة عالية .ذلك ان تحقيق الاهداف التربوية والوصول الى نتائج جيدة يحتاج الى اسلوب او طريقة يسودها نظام .
ويمكن ان تعد التعريف اعلاه اكثر تكاملاً لو تضمن اشارة الى الاتجاهات العقلية والنفسية المرغوبة ,وهو مالم يغفله المربي الامريكي “كلباترك ” عندما راى الطريقة التدريس معنيين وهما ” معنى ضيق المقصود به توصيل المعلومات ,ومعنى واسع شامل وهو اكتساب المعلومات مضافاً اليه وجهات نظر وعادات في التفكير وغيرها … مثل حب المعلم والمدرسة واحترام النفس وحب الغير والاعتماد على النفس …..”
ويشير هذا التعريف الى وجود معنيين لطريقة التدريس . فإذا صمم المعلم طريقة للدرس وقصد بها الاقتصار على تحقيق هدف واحد للتلاميذ ,هو الهدف المعرفي , أي الضيق ” واذا صممها وهو يقصد ان يحقق للتلاميذ اهدافاً اخرى مضافة الى الهدف المعرفي كالهدف ” “الوجداني ” الذي من شأنه تهذيب عواط ومشاعر وانفعالات التلميذ والهدف ” الحركي النفسي” الذي يحقق تناعماً بين الحركة الجسمية للتلميذ وميله او رغبته او توعيته النفسية فان طريقته هذه تتسم بمعناها “الواسع ” ان الطريقة بمعناها الضيقلا تحقق للتلاميذ من النمو سوى خزين من المعلومات الجامدة حيث سرعان ماتنقلب الطريقة الى عملية تلقين بينما يسعى المعلم من خلال عمله ان يحقق نمواً في خبرات التلاميذ ومهاراتهم وعاداتهم واتجاهاتهم العقلية والنفسية للوصول الى نمو متوازن وشامل ومتزن في شخصياتهم وهو هدف تربوي على جانب كبير من الاهمية وهذا لايتحقق الا من خلال المفهوم الواسع لطريقة التدريس .
والخلاصة هي ان التقدم والنجاح يعتمدان على المنهج الدراسي وما في محتواه من المادة العلمية وعلى الطريقة التدريسية , والمقصود بها هو الاسلوب الذي يتم فيه تكييف ذلك المحتوى وجعله زاداً تربوياً واجتماعياً وعلمياً في بناء شخصية التلميذ وكيانه ,وليس لاحد بعد هذا ان يخطئ فيتصور ن امتلاك المعلم ناصية المادة العلمية مهما كانت سعتها وعمقها كان لنجاح تدريسه من غير تاهيل جيد في علوم وفنون التربية وعلم النفس وطرائق التدريس .
-4-