المحاضرة الخامسة
علاقات تركيا الخارجية
أقامت تركيا خلال الفترة التي اعقبت اعلان الجمهورية علاقات دبلوماسية مع العديد من بلدان العالم . كما عقدت بعض المعاهدات مع البلدان المجاورة , لحل المشاكل المعلقة ومن ذلك معاهدة 5 حزيران 1926 التي انهت مشكله الموصل بين تركيا من جهة والعراق من جهة اخرى .وقد تنازلت تركيا في هذه المعاهدة عن ادعاءاتها في الموصل , وحصلت كجزء من التسوية لحل المشكلة ,على تأكيد اشراكها بنسبة عشرة بالمائة من حصة العراق من امتياز النفط المعطى لشركة النفط التركية ولمدة خمس وعشرين سنه
كما وقعت تركيا معاهدة مع الاتحاد السوفيتي سنة 1925 , وحصلت (8) ملايين دولار ذهبي وذلك لتصدير الصناعة فيها . هذا فضلا عما حققته من اطمئنان على سلامه حدودها الشمالية .
وفي 18 تموز 1932 قبلت تركيا عضو في عصبه الامم . وفي سنه 1934 في حلف البلقان ومن اجل فرض سيادتها الكاملة على اراضيها ومياهها الوطنية ,تمكنت تركيا من الحصول على مكاسب مهمه حول سيادة على المضايق اذ اتيح لها الاشراف الكامل على المضايق ,بموجب ميثاق مونترو , الذي وقع في مدينة مونترو السويسرية سنه 1936. وكان من نتائجه كذلك ظهور تقارب شديد بين كل من تركيا وفرنسا وبريطانيا امام محاولات المانيا (النازية) وايطاليا (الفاشية) لتقوية نفوذهما في البحر المتوسط وشبه جزيرة البلقان .
لقد ظهر تقارب بين تركيا وبريطانيا , بعد أن اعربت تركيا عن رغبتها في الانضمام الى الاحلاف العسكرية التي سعت بريطانيا لا قامتها في منطقه الشرق الاوسط لحماية مصالحها
وكان عقد ميثاق سعد أباد في 8 تموز 1937 بين تركيا والعراق وايران وافغانستان يدخل في اطار هذه المحاولات وقد نص الميثاق الذي تم توقيعه في قصر سعد أباد بطهران على تعهد الفرقاء بمراعاة حرمه حدودهم المشتركة , واتباع سياسه الامتناع المطلق عن ايه تدخل في الشؤون الداخلية , والتشاور في القضايا ذات المساس بمصالح الفرقاء المشتركة , والتعهد بان لا يعمد اي من الفرقاء وفي اي حالة من الحالات الى اي اعتداء موجه الى أحد منهم , والحيلولة دون قيام نشاطات سياسية معاديه تهدد السلام , وتخل بالأمن والنظام في داخل الدول الموقعة على الميثاق .
ومع ان بعضهم في تركيا قد فسر الميثاق على انه عودة لسياسة (الجامعة الإسلامية) الا ان هذا التفسير غير صحيح . ذلك ان مصطفى كمال ,الذي يسعى منذ توليه الحكم, الى ان يجعل من تركيا دولة غربية , قد عمل الى حد كبير على الاستناد الى حقائق الجغرافية , وليس الى حقائق التاريخ .كما انه يسعى من أجل قطع تركيا عن ماضيها الشرقي والاسلامي . وعلى هذا الاساس نجد ان تركيا لم تدعم اي واحد من المؤتمرات الاسلامية العديدة التي عقدت بين سنتي 1926 و1931 . ومهما يكن من أمر فان ميثاق سعد أباد تركيا , في مجال الاطمئنان
على حدودها الشرقية وكذلك ساعدها في الوقوف امام اية حركات كردية تشكل تهديدا لتوجهها العلماني .
كما قدمت بريطانيا الى تركيا عشيه الحرب العالمية الثانية , قروضا بهدف تأمين ارتباطها بالأحلاف الغربية أو تحييدها على الاقل في أية حرب مقبلة .
اما علاقاتها مع فرنسا فقد تحسنت كذلك بعد وصول الطرفين في 3 تموز 1938 الى اتفاقية كانت تنص على خضوع لواء الاسكندرونة (السوري ) لحكم فرنسي _تركي مشترك , علما بان فرنسا قد توصلت مع السوريين الى اتفاق وقع في ايلول 1936, ونص على وعد من الفرنسيين لمنح سوريا ومن ضمنها لواء الاسكندرونة الاستقلال , وبعد تدخلات عديده من الاتراك كانت نتيجة الانتخاب لصالحهم .. فاعلن مجلس عصبه الامم استقلال الاسكندرونه في 2 ايلول 1938 وباسم جمهورية هاتاي .. وقد طلبت هذه الجمهورية , الانضمام الى تركيا في وقت كان الجيش الفرنسي لايزال يرابط فيها وفي 23 حزيران 1939 وقعت تركيا وفرنسا , ميثاق عدم اعتداء , تم بموجبه موافقة فرنسا على الحاق جمهورية هاتاي بتركيا ومنحتها قروضا لشراء الاسلحة . وبهذا العمل اصبحت الطريق مفتوحة امام تركيا للتعاون الوثيق مع الغرب .
لقد وجد الاتفاق مع فرنسا تطورا موازيا له تمثل بتعزيز الروابط بين بريطانيا وتركيا فقد زار الاسطول التركي القاعدة البحرية البريطانية في مالطة , زيارة مجامله .. وفي 27 ايار 1938 عقدت بريطانيا وتركيا سلسلة في الاتفاقيات , حصلت بموجبها تركيا على قروض جديدة من بريطانيا . وهكذا فقد اسهمت تلك الاتفاقيات في تحسين العلاقات البريطانية_ الفرنسية مع تركيا عشية الحرب العالمية الثانية .
ولكن مما أقلق الاتراك , الميثاق الذي وقعه الاتحاد السوفيتي مع المانيا النازية في 23 اب 1939 . وكان هذا التطور يعني أمرين اثنين اولهما : ان الاتحاد السوفيتي , جارهم الشمالي قد وضع يده بيد الالمان الذي كانوا يدعون الى تغير الاوضاع الراهنة بالقوة المسلحة في حين كان يدعو قبل ذلك الى المحافظة على السلام والامن الجماعي . أما الامر الثاني . فقد كان يعني ان صداقتهم مع فرنسا سوف تكون موضع انتقاد في موسكو لذلك توترت العلاقات بين تركيا والاتحاد السوفيتي خاصة بعد الهجوم الذي شنته المانيا على بولندة في اول ايلول 1939 واحتلال السوفيتي للولايات الشرقية البولندية في 17ايلول من السنة ذاتها .