المحاضرة الرابعة
قيام الجمهورية التركية
اعلان الجمهورية
دخلت القوات التركية استانبول في 6 تشرين الاول 1923 واصدر المجلس الوطني الكبير قانونا جديدا , نص على جعل مدينة (انقرة) عاصمة رسمية لتركيا بدلا من
( استنبول ) التي كانت تحمل ذكريات الدولة العثمانية .
وفي 29 تشرين الاول 1923 عقد المجلس الوطني الكبير , جلسة تاريخية , اعلن فيها قيام ( الجمهورية التركية ) , وفي الساعة الثامنة والنصف مساءا اليوم نفسه , انخب مصطفى كمال اول رئيس للجمهورية . وفي اليوم التالي كلف مصطفى كمال ورفيقه في السلاح , عصمت باشا , بتشكيل اول وزارة في العهد الجمهوري , وقد ضمت بالإضافة الى عصمت باشا الذي تحمل مسؤولية وزارة الخارجية , احميد فريد بك للداخلية , وسيد بك للعدل , وكاظم باشا للدفاع الوطني , وحسني فهمي بك للمالية , مصطفى نجاتي بك للتعليم , واحمد مختار للأشغال العامة , وحسن حسني ببك للتجارة , ورفيق بك للصحة , ومصطفى فوزي افندي للشؤون الدينية .
وفي 3 اذار 1929 اجتمع المجلس الوطني الكبير , وقرر الغاء الخلافة ونفي الخليفة عبد المجيد افندي بن السلطان عبد العزيز , الذي عين خليفة في 19 تشرين الثاني 1922 الى مدينة نيس بفرنسا . وكان المجلس قد اختاره بعد السلطان محمد وحيد الدين ( محمد السادس ) ومنحه لقب (( خليفة المسلمين وخادم الحرمين الشريفين )) وهكذا انتهت ازدواجية الحكم في تركيا واصبحت حكومة انقرة هي الحكومة الوحيدة . وفي 20 نيسان 1924 صدر الدستور الجديد المؤلف من ( 105 ) مواد والذي كان يشبه الى حد كبير دساتير القرن التاسع عشر الليبرالية ويبلور نوايا الصفوة والتي تأخذ بطريق التحديث . وقد اكد بان السلطة العليا للشعب الذي يمثله المجلس الوطني الكبير ( البرلمان ) وهو يجمع السلطتين التشريعية والتنفيذية (المواد 3 , 4 , 5 ) ويحقق المجلس الوطني السلطة التشريعية المباشرة ( المادة 6) اما السلطة التنفيذية , فتكون عن طريق رئيس الجمهورية , ومجلس الوزراء ( المادة 7 ) . واعطى دستور سنة 1924 صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية , فهو رئيس الوزراء , الذي يختار وزراءه ثم يعرض على رئيس الجمهورية اسمائهم للحصول على موافقته عليهم ومعرفة رايه بهم . ويقع رئيس الجمهورية قرارات مجلس الوزراء , ويرفع تقارير سنوية للمجلس الوطني الكبير عن نشاطات الحكومة . كما اعطى الدستور مجلس الوزراء مسؤولية الادارة العامة لشؤون البلاد وبموجب الدستور جرى تقسيم اداري جديد في تركيا . واكد الدستور على حرية الشخصية وحرية المعتقد والفكر والكلمة والاجتماع
لقد اعد 1924 شكلا قانونيا للدولة التركية الحديثة . اذ امتاز باتباع النمط الديمقراطي الليبرالي الغربي . وقد رتب بعناية فائقة كي يتفادى وضع سلطة كبيرة في الجهاز التنفيذي للحكومة , وتركيز السلطة الحقيقية في المجلس الوطني الكبير , والذي يحق له تعديل وتفسير والغاء القوانين وعقد اتفاقيات ومعاهدات السلم مع الدول الاخرى , وكذلك اعلان الحرب وتدقيق القوانين المعدة من قبل لجنة خاصة حول ميزانية الدولة . كما ويحق له الموافقة على , او رفض جميع العقود والامتيازات , واعلان العفو العام والخاص وتبديل او تخفيف العقوبات وتنفيذ احكام الاعدام الصادرة عن المحاكم ومما يلفت النظر في الدستور احتوائه للنظام الذي يقوم على اساس ( وحدة السلطات ) التي تعني ان جميع السلطات تتركز في المجلس الوطني الذي ليس بالإمكان حله , ما لم يقرر المجلس نفسة ذلك وفي ظروف خاصة للغاية . اما بشان سلطات رئيس الجمهورية فقد كانت بموجب هذا الدستور محددة بشكل واضح … ومع ان مصطفى كمال قد تخطى مرارا الحدود المقامة عليه من الدستور , ولكنه في الواقع لم يحاول مطلقا تعديل أي نص في الدستور بما يتناسب واحتياجاته العملية حيث انه كان متمسكا بالمبدأ الذي يقول بان تقدم تركيا يجب ان يساير التبني التدريجي للمبادئ الديمقراطية المجسدة في الدستور , ولم يرد في الدستور أي ذكر لسلطة دينية , باستثناء المادة التي تشير الى ان الاسلام دين الدولة الرسمي .