وزارة التعليم العالي والبحث العلمي
جامعة ديالى/ كلية التربية الأساسية
قسم التاريخ
محاضرات في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية الحديث
أ.م. د. قحطان حميد كاظم
العام الدراسي 2014-2015م
المحاضرة الأولى
حركة الكشوف الجغرافية ..أسبابها ودوافعها.. واكتشاف القارة الأمريكية
لا يمكن فهم الاسباب والدوافع التي أدت الى اكتشاف القارة الامريكية دون معرفة نشوء حركة الكشوف الجغرافية التي بدأت في النصف الثاني من القرن الخامس عشر والتي استمرت لمدة طويلة مما مكن انسان العالم القديم من اكتشاف أراضي جديدة وواسعة.
أولاً: العوامل والاسباب التي أدت الى ظهور حركة الكشوف الجغرافية.
لقد تظافرت عوامل عديدة أدت الى ظهور الحركة وهي:
1.تطور الحياة الاقتصادية: شهدت أوروبا زيادة في العلاقات الاقتصادية بين دول القارة مما زاد من الطلب على المعادن الثمينة لاسيّما الذهب والفضة بعدهما وسيلتا التبادل التجاري المعروفتان والمقبولتان في ذلك الوقت، وبسبب محدودية موارد الذهب والفضة في العالم القديم والتي لم تعد تفي بحاجات التجارة الدولية، أصبح البحث عن مصادر جديدة لهذه المعادن أمراً ملحاً وضرورياً.
2.تطور صناعة السفن: فقد بدأت العديد من الدول ببناء سفن أكبر وأسرع وأكثر قدرة على مواجهة الانواء والعواصف وعلى تحمل السفر الطويل، مما فتح أمام العاملين في صناعة النقل آفاقاً جديدة وسمح لهم بالتوغل كثيراً في البحار والابتعاد ولمدد طويلة ولمسافات أكبر عن الشواطئ والمناطق المسكونة والمعروفة.
3.انتشار أفكار جديدة حول كروية الارض ولاسيّما بعد أن ظهر كتاب Imago Mundi لمؤلفه الفرنسي D.Ailly في بلجيكا في عام 1485م إذ أخذ الناس يميلون الى الاعتقاد بأن بحراً واحداً يصل بين شواطئ أوروبا وأفريقيا وآسيا، وإذا كان هذا صحيحاً فليس هناك ما يمنع من الوصول بحراً الى شواطئ آسيا من شواطئ أوروبا متجهين غرباً، وهذه الفكرة بذاتها كانت نقطة انطلاق لكثير من المغامرات.
4.سيطرة العثمانيين على الشرق الأوسط: منذ أقدم الازمان كانت تجارة أوروبا مع الشرق ولاسيّما مع الهند تتم عبر بلدان الشرق الاوسط، فبضائع الهند لاسيّما الافاوية والبهارات المعتبرة تعد في أوربا من أسباب الرفاه المطلوبة ومصدر أساسي من مصادر الربح الوفير للتجار، كانت تصل الى أوروبا عن طريق الخليج العربي فالمرافئ السورية ومن سوريا كان تجار جنوى والبندقية يتولون نقلها الى أوروبا بحراً محققين بذلك أرباحاً كبيرة. ومع ظهور الامبراطورية العثمانية ونمو قوتها المتزايد أخذت تضع العراقيل امام تجارة أوروبا مع الشرق الاقصى حتى قضت عليها تقريباً في أواخر القرن الخامس عشر، فضلاً عن الضرائب الكمركية المتصاعدة التي كان يفرضها مماليك مصر ومنذ ذلك بدأ الناس في أوروبا يتساءلون عن امكانية الوصول الى الهند والاتجار معها مباشرة للتخلص من سيطرة العثمانيين المتزايدة على تجارتهم.
5.الرغبة في نشر الديانة المسيحية: كانت هناك رغبة ملحة لدى الكثيرين ولاسيّما في الاوساط المتدينة في العمل على نشر الدين المسيحي في تلك البلدان التي كانوا يفترضونها وثنية.
ثانياً: اكتشاف الطرق البحرية: بدأت أولى محاولات الاكتشاف في شبه الجزيرة الإيبيرية ولاسيّما البرتغال وهذا أمر طبيعي نظراً لموقع إسبانيا والبرتغال الجغرافي على المحيط الاطلسي ولإشرافهما على أهم طرق المواصلات البحرية آنذاك فضلاً عن استعداد ورغبة شعبي البلدين في الانطلاق نحو آفاق جديدة واكتشاف بلدان مجهولة يزاد على ذلك الرغبة من الشعبين الاسباني والبرتغالي بنشر الدين المسيحي في مناطق جديدة نظراً لما عرف عنهما في ذلك الوقت من تمسك بالمسيحية. وكانت جهود الاستكشافات الجغرافية قد تمت بفضل جهود عدد من المستكشفين وكالآتي:
1.هنري الملاح: كان من أبرز الرجال الذين اهتموا بالكشوف الجغرافية الامير هنري ابن الملك جان الأول ملك البرتغال، والذي عرف فيما بعد بهنري الملاح، بدأ حياته كقائد من قواد الاسطول البرتغالي واحتل مدينة سبته في عام 1415م على شاطئ المغرب ومنذ ذلك الوقت بدأ يهتم بأفريقيا بصورة خاصة. وبنى مدرسة للدراسات البحرية في قرية في اقصى الجزء الجنوبي الغربي من قارة أوروبا وأصبح يؤمها العلماء من مختلف البلدان.
وقد أرسل هنري الملاح حملته الاولى في عام 1418م فقطعت مسافة طويلة على محاذاة الشاطئ الافريقي ثم تلتها حملات أخرى اتجهت من الشمال الى الجنوب على محاذاة الشاطئ الافريقي حتى وصل البرتغاليون الى مصب نهر السنغال وبفضل ذلك نقل البرتغاليون اعداد كبيرة من الزنوج الى بلادهم حتى اصبحت لشبونة أهم اسواق الرقيق في أوروبا، وفي عام 1445م اجتاز البرتغاليون الرأس الاخضر، وسعى هنري الملاح لاحتكار الشاطئ الافريقي وحصل على رقيم من البابا مما قاد الى صراع عنيف مع اسبانيا للحصول على تأييد البابوية في اعمال الفتح والاستعمار.
استمرت المحاولات البرتغالية بعد وفاة هنري الملاح في عام 1460م،ففي عام 1482م تمكن البحارة البرتغاليون من اجتياز خط الاستواء وبعدها بخمس سنوات تمكن البحار دياز من الوصول الى خليج Mossolbaai وقد اطلق على الطرف الجنوبي للقارة اسم “رأس الانواء” المعروف حالياً باسم “رأس الرجاء الصالح”، وفي عام 1494م أنهت معاهدة توردسيلاTordesillas النزاع بين اسبانيا والبرتغال حول أعمال الكشف والاستعمار بجعل جميع المناطق الواقعة غربي خط الطول المار على بعد 374 عقدة غرباً من جزر الرأس الاخضر من حق اسبانيا والمناطق الواقعة شرقي الخط المذكور مناطق نفوذ برتغالية. وجهز فاسكو دي غاما بأمر من الملك عمانوئيل الاول حملة ضخمة انطلقت عام 1497م فاجتازت رأس الرجاء الصالح ووصلت الى سواحل افريقيا الشرقية التي كانت آنذاك وقفاً على التجار والبحارة العرب. وهناك وجد البرتغاليون الذهب والعاج الذين طالما سعوا للحصول عليهما. وبعدها اتجهوا شرقاً حتى وصلوا عام 1498م الى شواطئ الهند وفي اب عام 1499م وصل دي غاما الى لشبونة عائداً من رحلته الطويلة معلناً للعالم اكتشاف طريق جديد يصل أوروبا بالهند بحراً وهو حلم الاوربيين جميعاً ومنذ ذلك الوقت بدأ البرتغاليون يؤسسون إمبراطوريتهم في الشرق.
2.اكتشاف أمريكا: لم يكن الاسبان أقل رغبة من البرتغاليين في اكتشاف بلدان جديدة والتعرف على طرق جديدة للتجارة مع الشرق تحررهم من سيطرة تجار جنوى والبندقية ومماليك مصر من جهة والدولة العثمانية بأساطيلها القوية في البحر الابيض المتوسط من جهة أخرى على خط التجارة مع الشرق ولاسيّما الهند. لكن الاسبان انشغلوا في حروبهم ضد المسلمين في شبه الجزيرة الاسبانية وبعد قضائهم على عرش غرناطة وقشتالة في عام 1492م صار بمقدور فردناند وزوجته ايزابيل الاهتمام بأمور التوسع والاستعمار.
أ. كريستوف كولومبوس وجهوده الاستكشافية: كريستوف كولومبوس هو بحار من جنوى التي اشتهرت بتقاليدها البحرية وبأنها أنجبت الكثير من رواد عصر الاستكشاف أمثال كولومبوس وفسبوتشي وكابوت وغيرهم. وهو من مواليد عام 1451م وأنه ينتمي لعائلة متواضعة كان أبوه يعمل حائكاً في مدينة جنوى وكان محدود الدخل فعرف اولاده الفقر والفاقة، وان كان كولومبوس يدعي عكس ذلك، وقد عمل حائكاً كأبيه ثم جاب البحر المتوسط مرات عديدة كتاجر وبين 1470و1480م قصد لشبونة على متن مركب تجاري واستقر فيها وكان أخوه برتولومي Bartholomeo الذي كان يعمل كرسام خرائط وكبائع كتب قد سبقه للاستقرار فيها. وعن طرق اخيه تعرف الى الاوساط العاملة في البحر والمهتمة بشؤون صناعة السفن والدراسات الجغرافية والفلكية، ومنذ عام 1480م اخذ يقتنع بإمكانية الوصول الى الهند عن طريق الابحار غرباً متأثراً بالأفكار المنتشرة وقتذاك والتي تقول بكروية الارض. وقد عرض مشروعه على ملك البرتغال فرفضه بناءً على توصية مستشاريه الذين كانوا لا يؤمنون كثيراً بالمغامرين الاجانب من جهة ولوجود طريق رأس الرجاء الصالح من جهة أخرى. وبعدها عرض المشروع على ملك اسبانيا من خلال اثنين من المقربين من الملك وزوجته ايزابيل عام 1486م اللذان أحالا المشروع الى لجنة لدراسته وقد اعطت هذه اللجنة رأيها برفض المشروع بعد خمس سنوات. وفي هذه الفترة كان اخوه قد عرض المشروع على ملك انكلترا فرفضه نظراً لتكاليفه الباهضة. ولكن كولومبوس جدد محاولته لعرض المشروع مرة اخرى على ملك اسبانيا عن طريق توسط احد رجال الدين المقربين من الملكة ايزابيل فوافق الملك بعد نهاية حروب الاسبان مع المسلمين في 30 نيسان عام 1492م وتلخصت شروط كولومبوس بما يلي: إذا نجح في مشروعه فيعين نائباً للملك في المقاطعات المكتشفة ويعطى 10% مما ستدره التجارة مع هذه المقاطعات من أرباح. وفي الثالث من آب 1492م غادرت البعثة التي كانت تتألف من ثلاث سفن والتي كانت تحت قيادة كولومبوس متجهة الى جزر الكناري حيث توقفت بعض الوقت. وفي 12 تشرين الاول 1492م وصل الاسبان الى احدى جزر الباهاما ونزل كولومبوس بنفسه يحمل علم اسبانيا ليعلن استيلاءه على الارض الجديدة باسم العرش الاسباني. وبسبب فقر الجزيرة واصل الابحار الى جزيرة اخرى فوصل في 28 تشرين الاول الى جزيرة كوبا وفقد سفينته الكبيرة (سانتا ماريا) التي غرقت في البحر.
وهناك اقام مستعمرة اسبانيولا على ارض جمهورية هايتي الحالية وفي 15 آذار عام 1493م عاد كولومبوس الى الشاطئ الاسباني من حيث انطلق ليعلن في البلاط وامام كبار رجال المملكة اكتشافه الجديد. وقام كولومبوس برحلته الثانية في ايلول عام 1493م وكان هذه المرة احسن تجهيزاً واكثر عدداً فتألفت حملته من سبع عشرة سفينة عليها 1500 رجل وجعل وجهته جزر الانتيل اولاً ثم توجه الى هايتي ليكتشف أن السكان قد قضوا على الاسبان الذين ابقاهم في المستعمرة في المرة السابقة فأقام مستعمرة جديدة لم يكن حظها أفضل من سابقتها.
ثم قام برحلتين الاولى عام 1498م الى عام 1500م والثانية من عام 1502 الى 1504م وقد وصل خلالها الى جزر ترينيداد والى هوندوراس وهو بذلك لم يخرج عن امريكا الوسطى وأنه كان يعتقد حتى وفاته أنه وصل الى شواطئ آسيا. ومع الوقت بدأ نجمه بالأفول في البلاط الملكي لاسيّما وان حساده ومزاحميه كانوا في تزايد مستمر وحصل خلاف بينه وبين المتمردين في المستعمرة التي أسسها فأرسل الملك موفداً للتحقيق بالأمر وسرعان ما تم القبض على كولومبوس وارساله مقيداً الى اسبانيا، وعلى الرغم من أن الملك أطلق سراحه بعد ذلك لكنه قضى سنواته الاخيرة فقيراً معزولاً مبعداً عن البلاط والشؤون العامة.
ب. اميركو فسبوتشي وتسمية العالم الجديد بأمريكا
لم يمنع إبعاد كولومبوس عن أعمال الفتح والاستعمار دون متابعة العمل الذي بدأه الرجل فكثرت رحلات المستكشفين وازداد عدد الباحثين عن المجد والثروة في البحار وكان من أبرز هؤلاء رجل ايطالي من عائلة فلورنسية عريقة هو امريكو فسبوتشيAmerigo Vespucci عمل في أول حياته في السلك الدبلوماسي ثم التحق بخدمة آل مديتشي الذين انتدبوه الى اسبانيا ليشرف على مصالحهم التجارية هناك. وبفضل اتصاله التجاري مع رجال البحر إذ كان يتولى تموين سفنهم وبدأ يهتم بالعالم الجديد ويجمع المعلومات الكثيرة مما سمح له فيما بعد أن يؤدي دوراً مهماً في هذا المجال.
والواقع إنّ دوره في اكتشاف اميركا هو في الحقيقة اقل من دور سلفه كولومبوس وحتى وفاة الأخير كان من المعتقد أن الأرض المكتشفة حديثاً ليست الا قسماً من البر الاسيوي،الا إن بعض معاصريه راودتهم الشكوك في صحة هذا الاعتقاد وكان فسبوتشي من هذه الفئة من الناس. فقام بعده برحلات الى الارض الجديدة لحساب اسبانيا والبرتغال وقد توغل كثيراً على محاذاة الشاطئ الجنوبي الاميركي وربما وصل بين عامي 1501و1502 الى مصب نهر لابلاتا في الارجنتين وبعده بلغ خط العرض 52 جنوباً. ولم يجد أي تشابه على طول الشواطئ التي اكتشفها مع الشواطئ الهندية إذ كان لدى الاوربيين الكثير من المعلومات عن الهند بفضل ما كتبه رحالة القرون الوسطى الذين زاروا تلك البلاد. وهذا ما دفعه للاعتقاد بأنه أمام قارة جديدة غير متصلة بالعالم القديم، وقد نشرت في أوروبا بعناية العالم الالزاسي Waldseemuller عدة رسائل من فسبوتشي يثبت فيها نظريته وهذا ما دفع الناس بناءً لاقتراح العالم المذكور لإطلاق اسم اميركا على القارة الجديدة. وبعد وفاته بعام واحد أي عام 1513م أتى الرحالة الاسبانيBalboa بدليل جديد على صحة نظرية فسبوتشي إذ انه وصل في اكتشافاته داخل الارض الجديدة الى المحيط الاطلسي فاثبت أن الارض الجديدة أمامها بحر ووراءها بحر فجاء اكتشافه تصديقاً لنظرية سلفه. ثم جاءت رحلة ماجلان التي اكتشف فيها ممراً عبر القارة في قسمها الجنوبي يصل المحيط الاطلسي بالمحيط الهادئ ثم انطلق في رحلة طويلة وصل فيها الى جزر الفيلبين حيث توقفت بعثته مدة من الزمن. وقد توفي هو هناك إذ أصابه سهم مسموم في احدى المعارك التي دارت مع سكان البلاد الاصليين وقد عادت البعثة بما بقي من رجالها وسفنها الى اسبانيا في 6 أيلول عام 1522م.وهكذا ثبت للناس عملياً ولأول مرة كروية الارض في عودة رجال ماجلان.
ج. فتح المكسيك: تولى هذه المهمة كورتز Cortez وهو مفكر اسباني ينتمي لعائلة ميسورة بدأ حياته في دراسة القانون في جامعة سلمنغا إلا أن روح المغامرة فيه دفعته لترك الجامعة والهجرة الى كوبا حيث التحق بخدمة حاكمها وتألفت الحملة من خمسمائة جندي وضابط ومائة بحار و14 مدفعاً وعند وصوله للشاطئ الغربي لشبه جزيرة كوبا نزل هناك بعد مقاومة عنيفة من السكان الاصليين وأسس على الشاطئ مدينة اسماها فيراكراز Vera Cruz وأعلن استيلاءه على البلاد منذ نزوله على الشاطئ باسم ملك اسبانيا. ثم أخذ يتوغل في البلاد شيئاً فشيئاً حتى تمكن من احتلال المكسيك كلها بعد القضاء على مقاومة سكانها الاصليين في آب عام 1521م عقب معارك دامية وبهذا قضى على امبراطورية الأزتيك التي كانت تعد اقوى تجمع سياسي بين سكان اميركا الاصليين. وبعدها احتل كورتيز بعد عام 1524-1525م بلاد الهندوراس وضمها الى املاك اسبانيا فضلاً عن بلاد غواتيمالا وتوغلوا في توسعهم حتى وصلوا الى كاليفورنيا.
د. فتح البيرو: قام بيزاروPizarro وهو من سكان جنوب غرب اسبانيا بعملية غزو بلاد البيرو وبوليفيا لحساب الملك شارل الأول والقضاء على امبراطورية الانكاInca سكان البلاد الاصليين ورافق حملته 180 رجلاً تمكنوا من اشاعة الذعر بين السكان الاصليين على كثرتهم بسبب استخدامهم الخيول والاسلحة النارية واسس على الشاطئ مدينة ليما لتكون عاصمة لممتلكاته لكنه سرعان ما قتل في اصطدام بقائد اسباني آخر هوAlmagro كان يتولى غزو بلاد الشيلي.
هـ. جون كابوت ودوره في اكتشاف العالم الجديد
لم تقف الدول الاوربية الأخرى مكتوفة الأيدي أمام الاستكشافات الاسبانية لاكتشاف أراضي جديدة، وكان كابوتCabot وهو بحار جنوي اغتنى من التجارة يقيم في بريطانيا منذ عام 1490م وبعد اكتشاف كولومبوس عرض على ملك بريطانيا هنري السابع تمويل حملة بحرية تتجه نحو الغرب، وقد لاقت فكرته حماساً كبيراً في بريطانيا إذ إن الفكرة لم تكن غريبة عن أذهان الناس ففي بريطانيا كان يسود اعتقاد قديم بأن هناك أرضاً وراء المحيط فضلاً عن ذلك أن الملك نفسه كان قد ندم أشد الندم لرفضه تمويل رحلة كولومبوس حين عرضها عليه شقيقه برتولومي قبل أن يتبناها الاسبان.
على كل حال، وصل كابوت في رحلته الاولى الى( نيوفوندلاند) و(لابرادور)على الشاطئ الشرقي لشمال القارة وفي رحلة أخرى وصل الى جزيرة(غرنيلاند)وعلى الرغم من أن كابوت لم يحقق مكاسب مالية عاجلة إذ لم يجد شعوباً يتاجر معها إلا أن رحلاته كانت ذات أهمية كبرى بالنسبة لبريطانيا إذ اعطتها الحجة وربما السند القانوني لادعاء ملكية مساحات شاسعة من الارض الجديدة ستكون فيما بعد مستقراً لحركة هائلة من الهجرة البشرية من بريطانيا للعالم الجديد. وفي عام 1607م أسس الانكليز أولى مستعمراتهم هناك وهي مدينة جيمستون في ولاية فرجينيا الحالية.
كما أصابت حمى الاستكشاف الفرنسيين فركزوا جهودهم منذ مطلع القرن السادس عشر في منطقة السان لوران في شمالي القارة وفي عام 1536م تمكن كارتييه من التوغل في منطقة السان لوران حتى وصل الى حيث تقوم حالياً مدينة منتريال، وهو الذي اعطى هذه البلاد اسم كندا وهو الذي أسس في العام 1540م أول مركز تجاري فرنسي هناك إلا إنّ أول محاولة جديدة للاستقرار في كندا واستعمارها وقعت عام 1608م حين أسس شامبلين مدينة كوبيك. وقد جرفت أيضاً هذه الحركة الهولنديين الذين أسسوا مدينة امستردام الجديدة على جزيرة صغيرة اسمها اليوم مانهاتن في مدينة نيويورك الحالية اشتروها من الهنود وجعلوها مركزاً لتجارة الفراء الا أن الانكليز بادروا في عام 1664م الى ضم أراضي المستعمرة لإمبراطورتيهم.
وفي عام 1632م أسس السويديون شركة لجزر الهند الغربية، وتمكن هؤلاء في عام 1638م بعد أن اشتروا قطعة أرض واسعة من الهنود من أن يؤسسوا مستعمرة لهم عند مصب نهر ديلاوير اطلقوا عليها اسم السويد الجديدة كما بنو حصناً سموه باسم ابنة ملكهم كريستينا الا أن الهولنديين اعترضوا على نزول السويديين في أراضي كانوا يعتبرون انفسهم أصحابها وقد أدى هذا الى نزاع استمر حتى عام 1665م حين احتل الهولنديون الحصن وقضوا على محاولة السويد الاستقرار في العالم الجديد.
المصادر والمراجع
1.عبدالعزيز سليمان نوار وعبدالمجيد نعنعي، تاريخ الولايات المتحدة الامريكية الحديث، بيروت،1973.
2. Bailey Thomas,A Diplomatic History of the American People 8th, Edition,New York 1969.
3.Current Richard,American History.A Survey Knopf.New York,1965.