
محاضرة علمية في قسم اللغة العربية عن الأدب الأندلسي لطلبة المرحلة الثالثة
ألقى الدكتور (زياد طارق لفته) التدريسي بقسم اللغة العربية في كلية التربية الاساسية محاضرة علمية عن الادب الاندلس وبعنوان (الرثاء في الشعر الاندلسي) لطلبة المرحلة الثالثة
وتضمنت المحاضرة المحاور التالية:
اولا- المقدمة : يتم فيها استعراض غرض الرثاء في الشعر العربي قديما ، ووتبيين معناه بصورة دقيقة ، ثم ربط ذلك بالرثاء في الأندلس ، من أجل تقريب الهدف منه الى أذهان الطلبة .
ثانيا – العرض : ويتم فيه عرض المادة الرثائية الأندلسية على الطلبة ، مع توضيح الفرق بين الرثاء في الأندلس والرثاء قديما ، اذ كان للبيئة الأندلسية أثر واضح في الرثاء لدى الشعراء الأندلسيين ، ولا سيما أن سقوط المدن الأندلسية كان له أثر عميق في تطور الرثاء في الأندلس ، اذ قفز من كونه مختصا برثاء الأشخاص فقط ، الى هدف أسمى وأكبر وهو رثاء المدن والممالك الأندلسية ، وهذا ما جعل الرثاء في الأندلس يتميز بصدق العاطفة ورهافة الاحساس أكثر من العصور السابقة ، لأن الشاعر أصبح يرثي وطنا مضاعا لا فردا واحدا ، وهذا ما جعله يثب وثبة كبرى الى قلوب القراء والدارسين . وبعد هذا العرض أقوم باعطاء مثال بارز وشامخ من رثاء المدن الأندلسية ألا وهو الشاعر أبو البقاء الرندي في نونيته الخالدة التي طالما تناقلتها المصادر والمراجع الأندلسية وأشادت لها بالبنان ، لأنها تمثل بحق تحفة أندلسية رائعة ، عبرت عن مدى حب الشاعر لوطنه وتعلقه به ، وهذا ما جعله يطلق زفرات الحزن والأسى لضياع ذلك الوطن العزيز. يقول الرندي في تصوير ذلك :
لكل شيء اذا ما تم نقصان فلا يغر بطيب العيش انسان
هي الأمور كما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمان
أين الملوك ذوو التيجان من يمن وأين منهم أكاليل وتيجان ؟
أتى على الكل أمر لا مرد له حتى قضوا فكأن القوم ما كانوا
دهى الجزيرة أمر لا عزاء له هوى له أحد وانهد ثهلان
فاسأل بلنسية ما شأن مرسية أم أين شاطبة أم أين جيان ؟
وأين قرطبة دار العلوم فكم من عالم قد سما فيها له شان
لمثل هذا يذوب القلب من كمد ان كان في القلب اسلام وايمان
وبعد هذا العرض والالقاء لقصيدة الرندي، أقوم بمشاركة الطلبة بتحليل هذا النص ، محاولا جعلهم قادرين على تذوق النص الشعري ، وما فيه من لمسات فنية عالية ، وبأسلوب واضح جميل ، مشوبا بالحزن الكبير . وهذا دلت عليه ألفاظ ومعاني الشاعر، التي صقلها بعاطفته ، واحتضنها كما يحتضن المها في البيداء . ولعل ذلك هو الذي جعله ينطلق في تشخيص المدن الأندلسية ويسألها مرارا عن ماضيها المهيب ، وكيف أصبحت في حاضرها الكئيب ، وهو يراها تسقط وتتهاوى بيد الاسبان .
ثم بعد ذلك استعمل الشاعر فنونا بلاغية عدة ووظفها خير توظيف لتحقيق المعنى المراد ، مثل التشبيه والكناية والاستعارة، ولا سيما اكثاره من الاستعارة المكنية في مثل قوله: ( فاسأل بلنسية ) و ( ما شأن مرسية ) ، وهذا أسلوب رائع يرسخ الفكرة ويقربها الى الأذهان ، بحيث تتجلى بوحدة موضوعية مترابطة نحو رثاء الأندلس بصورة عامة .
ثالثا- الخاتمة : وفيها أختم درسي الرثائي باستدعاء ما تجمع من أفكار وقيم لدى الطالب ، من خلال النص الشعري الماضي ، بحيث أجعله قادرا على التقاط تلك الأفكار من الشاعر نفسه ، الى أن أبحر به نحو درس شائق جديد ، مطالبا اياه باعداده في درس لاحق .