مقال بعنوان: نمي فكرك بالقراءة والاطلاع بقلم/ أ.م. شاهين سهام عبدالرزاقShaheensuham82@gmail.com جامعة ديالى – كلية التربية الاساسية – قسم التاريخ
مقال بعنوان: نمي فكرك بالقراءة والاطلاع
بقلم/ أ.م. شاهين سهام عبدالرزاقShaheensuham82@gmail.com
جامعة ديالى – كلية التربية الاساسية – قسم التاريخ
القراءة هي حياة أخرى تمنح للإنسان، تُوسّع له آفاق المعرفة والثقافة، فتتوسّع مداركه في التعامل واتخاذ القرارات، فتجد المثقّف يُحب الناس سماع رأيه والأخذ به؛ لأنّه يعلم أكثر مما يعلم الكثيرون. وقد حثّ الإسلام على القراءة، بل نَزَل الوحي كله على قاعدة اقرأ فكانت (اقرأ باسم ربك الذي خلق)، وإنّ أول ما خلق الله هو القلم، وقد سُمّيت أمة الإسلام (بأمّة اقرأ) وستقرأ يومًا بإذن الله.
لكن المؤسف أنّ الذين لا يقرؤون يتعللون ألّا فائدة من القراءة، وهم لم يجرّبوها، إنّه الجهل بعينه والجحود بنعمة الله أن منحهم عقلاً واعياً ووقت فراغ، رغم أنّ القراءة الصحيحة هي تلك القراءة التي تعتبر تمامًا كالماء والطعام، فهي غذاء الروح يداوم عليها القارئ كل يوم وليس في وقت فراغه وحسب.
لو خضع أحدهم لتجربة أن يقرأ كل يوم خمس صفحات من كتاب، سيخرج على آخر الشهر بناتج مئة وخمسين صفحة، أي تسعمائة صفحة لمدة نصف عام، أي بمعدل ثلاث كتب كبيرة، أي من ستة إلى عشرة كتب صغيرة ومتوسطة، وإذا قيس هذا على العام فسيكون قد خرج بنتاج عشرين كتابًا في السنة مع كلّ كتابٍ تجربة، وفي كل كتاب معرفة جديدة. كل هذا من خمس صفحات يوميًا فكيف لو زيدت لعشر صفحات، ستصبح مكتبة متنقّلة في نهاية العام، وستدرك حتمًا أنّ تفكيرك قد تفتّح، ومدارك معرفتك قد ازدادت، وأنّ دُنيا جديدة قد أصبحت ملجأ لك.
إذاً فالقراءة مهمة، والذين يقتنعون بذلك يبدؤون القراءة ويشعرون ببطء سرعتهم فيها، وهذا شيء بديهي؛ لأنّ الدماغ غير مهيأ؛ لأنّ خلاياه لم تكن معتادة عليها، لكن مع الاستمرار في القراءة سيتفاعل دماغ الإنسان معها شيئًا فشيئًا وتزاد سرعة القراءة لديه، والبعض وصل لسرعات هائلة في القراءة، وازدادت مع القراءة قوة الحفظ أيضًا.
للقراءة فوائد كثيرة لا نستطيع حصرها ولكن يمكن أن نلخص منها ما يأتي:-
- إنها مع شقيقتها الكتابة هما مفتاحا العلم
- إنها من أقوى الأسباب لمعرفة الله سبحانه وتعالى وعبادته وطاعته وطاعة رسوله.
- إنها من أقوى الأسباب لعمارة الأرض والوصول إلى العلوم المؤدية لذلك.
- إنها سبب لمعرفة أحوال الأمم الماضية والاستفادة منها.
- إنها سبب لاكتساب المهارات ومعرفة الصناعات النافعة.
- إنها سبب لمعرفة الإنسان لما ينفعه ولما يضره في هذه الحياة من العلوم
- إنها سبب لاكتساب الأخلاق الحميدة والصفات العالية والسلوك المستقيم
- إنه يحصل بسببها للإنسان الأجر العظيم والثواب الكبير لا سيما إذا كانت قراءته في كتاب الله أو في الكتب النافعة التي تدله على الخير وتنهاه عن الشر
- إنها سبب لرفعة الإنسان في هذه الحياة وفي الآخرة لأنها من أسباب العلم والله يقول: (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ.
- إنها سبب قوي لمعرفة مكائد أعداء الإسلام والمسلمين من الكفرة والملحدين والفرق الضالة ودحضها والحذر منها.
- إنها سبب للأنس والترويح عن النفس واستغلال وقت الفراغ بما ينفع
القراءة في التاريخ
تعد القراءة من أكثر مصادر العلم والمعرفة وأوسعها، حيث حرصت الأمم المتيقظة على نشر العلم وتسهيل أسبابه، وجعلت مفتاح ذلك كله من خلال تشجيع القراءة والعمل على نشرها بين جميع فئات المجتمع.
والقراءة كانت ولا تزال من أهم وسائل نقل ثمرات العقل البشري وآدابه وفنونه ومنجزاته ومخترعاته، وهي الصفة التي تميز الشعوب المتقدمة التي تسعى دوماً للرقي والصدارة. وإذا تأملنا بعض مواقف السيرة النبوية نجد اهتمامًا كبيرًا جدًا بقضية القراءة، منها: موقف فداء الأسرى في بدر؛ فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب من الأسير المشرك الذي يريد فداء نفسه من الأسر تعليم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة.
وفي هذه الحادثة دلالة واضحة على أهمية القراءة والكتابة؛ لأنها احتياجات ضرورية لأي أمة تريد النهوض والتقدم. وإذا نظرنا إلى حال المسلمين أيام بدر وجدناهم في حاجة إلى الأموال وفي حاجة إلى الاحتفاظ بالأسرى للضغط على قريش، أو الاحتفاظ بهم لتبادل الأسرى إذا أُسِر مسلم، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم يفكر بما هو أهم من ذلك كله، وهو أن يعلم المسلمين القراءة.
كانت هذه نقطة هامة في فكر النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبني أمة الإسلام بناءً متكاملاً، حتى أن الصحابي الذي يستطيع القراءة كان يُقدَّم على أصحابه، انظر إلى زيد بن ثابت رضي الله عنه الذي قُدّم على كثير من الصحابة، وصار ملاصقاً للرسول صلى الله عليه وسلم بصفة شبه دائمة لأنه يُتقن القراءة والكتابة، فصار كاتبًا للوحي، وكاتبًا للرسائل، ومُترجماً للسريانية والعبرية، و كان مبلغه من العمر ثلاثة عشر عامًا فقط.
لهذه المواقف – ولغيرها – غُرس حب القراءة في قلوب المسلمين، وكانت المكتبات الإسلامية في التاريخ الإسلامي من أعظم مكتبات العالم، بل أعظمها على الإطلاق ولقرون طويلة: مكتبات بغداد، وقرطبة، وإشبيلية، وغرناطة، والقاهرة، ودمشق، وطرابلس، والمدينة، والقدس. هذه هي قيمة القراءة في الميزان الإسلامي، وهذه هي قيمة القراءة في تاريخ المسلمين
أهمية القراءة للفرد والمجتمع
تتعدى أهمية القراءة من الفرد القاريء للمجتمع ككل فأهمية القراءة لاتنحصر على صاحبها فقط وهنا سنسرد أهمية القراءة للفرد
ثم للمجتمع
أهمية القراءة للفرد
- أهم فوائد القراءة للتعلم والمعرفة، والمصدر الرئيسي لنمو شخصية الإنسان.
- تعمل القراءة أيضاً على توثيق الصلة بين الكتاب والقاريء، وتزيد من قدرته على اكتساب الخبرات والمهاراتكماتزيد من حصيلة مفرداته وتراكيبه اللغوية.
- يستطيع القاريء من “التعلمم الذاتي” وتعليم نفسه بنفسه دون الاعتماد على معلم يعطيه المعلومة والخلاصة.
- تعمل القراءة على تقوية شخصية القاريء، فيصبح لديه قدرة كبيرة على التحليل وصنع القرار و المناقشة في كل مجالات الحياة.
- القاريء دومًا شخص صاحب أهداف وغايات وأيضًا صاحب رؤية تنظيمية في استغلال الوقت في النافع لأن الوقت من النعم التي يحاسب عليها الإنسان يوم القيامة.
- من يصاحب الكتاب يتخلص من الكثير من الآفات كالغيبة والنميمة وأوقات الفراغ التي قد تتسبب في الكثير من العادات السيئة .
- تعمل القراءة على توسيع مدارك الإنسان،ونضج تفكيره ، وحبه لربط الأفكار وتسلسلها والسعي لمعرفة تاريخ الحضارات والأمم والتعلم من السابق لصناعة المستقبل وتحسين الحاضر.
أهمية القراءة للمجتمع
- القراءة تعمل على إنشاء مجتمع واعٍ مثقف، مما يؤدي إلى زيادة قدرة المجتمع على الإنتاج، من خلال حصيلة المعارف والمهارات التي اكتسبها الأفراد من القراءة.
- مجتمع مبدع مبتكر هو مجتمع قاريء فقادر على بناء حضارة عظيمة.
- القضاء على الأفكار الهدامة والعادات السيئة في المجتمع،فالقراءة تنشيء جيل واعٍ ومثقف،يفرق بين السلوكيات الصحيحة البناءة ويرفض كل مايضره ويضر الغير.
- المجتمع القاريء قادر على استخدام وإدخال التكنولوجيا في الصناعات المختلفة،وتحقيق النهضة الاقتصادية.
- تتصدر المجتمعات المثقفة التي تهتم بالقراءة صدارة العالم في التقدم في كافة المجالات .