أولاً:- تعريف الشخصية
هي مجموع الخصال والطباع المتنوعة الموجودة في كيان الشخص باستمرار ، والتي تميزه عن غيره وتنعكس على تفاعله مع البيئة من حوله بما فيها من أشخاص ومواقف ، سواء في فهمه وإدراكه أم في مشاعره وسلوكه وتصرفاته ومظهره الخارجي ، ويضاف إلى ذلك القيم و الميول والرغبات والمواهب والأفكار والتصورات الشخصية .
فالشخصية إذاً لا تقتصر على المظهر الخارجي للفرد ولا على الصفات النفسية الداخلية أو التصرفات والسلوكيات المتنوعة التي يقوم بها وإنما هي نظام متكامل من هذه الأمور مجتمعة مع بعضها ويؤثر بعضها في بعض مما يعطي طابعاً محدداً للكيان المعنوي للشخص.
ثانياً: أهم العوامل المؤثرة في تكوين الشخصية
هذه بعض العوامل المؤثرة في تكوين الشخصية و التي ينبغي الإلتفات إليها ومراعاتها لما لها من دور في معرفة شخصية الفرد وفهم صفاتها وتقويمها وكيفية التعامل معها– :
1. الوراثة:– فلها دور في إكساب الشخص بعض الصفات التي تؤثر في تكوين الشخصية مثل ( العجلة ، البرود ، الكرم ، الجدية ، الدعابة ، ..)
2.الخلقة:– فقد أوضحت الدراسات الطبية أن في الدماغ العديد من المراكز الحيوية التي تحكم وتدير العديد من العمليات العقلية والنفسية (التفكير،المشاعر،الإدراك،السلوك..) مما له أثر كبير في تكوين الشخصية.
3. الأسرة وأساليب التنشئة:– للأسرة دور كبير في النمو النفسي في المراحل المبكرة في حياة الإنسان لأنها البيئة الأولى التي ترعى البذرة الإنسانية بعد الولادة ومنها يكتسب الطفل الكثير من الخبرات والمعلومات والسلوكيات والمهارات والقدرات التي تؤثر في نموه النفسي إيجاباً أو سلبا حسب نوعيتها وكميتها , وهي التي تشكل عجينة أخلاقه في مراحلها الأولى .وموقع الفرد في الأسرة له أهميته المؤثرة في تكوين الشخصية (الولد الأكبر- الولد الأصغر- الابن الوحيد بين البنات) . وكذلك أسلوب تربية الوالدين لها أثر كبير على شخصية الابن (دلال زائد – شدة زائدة – …) كما أن للاستقرار الأسري دور كبير في ذلك فكلما كانت الأسرة أكثر استقراراً صار الفرد فيها أكثر أمناً وطمأنينة وثقة في نفسه… والعكس بالعكس.
4. المؤثرات الثقافية و الاجتماعية-:(المعلومات–العادات–الأعراف–التقاليد–القيم–المعتقدات ..)
ثالثاً:- علامات اعتلال الشخصية :-
هناك عدد من العلامات العامة والخاصة الدالة على اعتلال الشخصية،فالعامة تدل على وجود علة ما في الشخصية والخاصة تحدد بمجموعها نوع اضطراب الشخصية (مرتابة-اعتمادية-انطوائية – انفعالية).ويجدر التنبيه إلى أن المنهج التربوي الإسلامي يغير في صفات وسمات الأفراد تغييراً جذرياً وإن كانوا كباراً ، عبر الحركة والفعل فتحول بعضهم من الشدة إلى اللين ، ومن السطحية إلى العمق ، ومن الفردية إلى الجماعية ، ومن الضعف إلى القوة ، ومن الغضب إلى الحلم ، ومن العجلة إلى التأني ، إضافة إلى أن المنهج الإسلامي في التربية يراعي الاستعدادات الأصلية ، والفروق الفردية.
– العلامات العامة:–
1. إشكالات كثيرة ومتكررة في التعامل مع الآخرين والتفاهم معهم ( كالوالدين والأولاد والإخوة و الأخوات والأقارب والجيران وزملاء الدراسة في الجامعة).
2. صعوبات متكررة في التكيف مع الضغوط النفسية وضعف القدرة على مواجهة الأزمات والمشكلات (في البيت أو الجامعة).
3. خلل بارز في ضبط المزاج والعواطف أو في كميتها أو كيفيتها (برود في العواطف ، سرعة جيشان العاطفة، تقلب مفاجئ في المزاج …).
4. أخطاء بارزة ومستمرة في طريق الفهم والتفكير والاستدلال والاستنتاج و التصورات الذهنية ، ليست بسبب تخلف عقلي أو مرض عقلي طارئ (كالفصام العقلي ونحوه).
5. خلل بارز في التصرفات والسلوك في النوع أو الكم (تصرفات غير لائقة اجتماعياً أو دينياً ، اندفاع في التصرف دون تفكير مسبق ، إحجام شديد …).
6. الإفراط في استعمال الحيل النفسية واللجوء إليها كثيراً والاعتماد عليها في مواجهة المشكلات.
وليس بالضرورة أن توجد العلامات العامة كلها مجتمعة في شخص واحد بل قد لا يوجد فيه سوى نصفها مما هو بارز ظاهر في شخصية الفرد وكفيل بإدخاله دائرة الاعتلال النفسي في كيان الشخصية.
– العلامات الخاصة: –
لكل نوع من الشخصية علامات خاصة تدل على علتها ، فالشخصية سيئة الظن يغلب عليها الشك في الآخرين والريبة الزائدة والحذر من الناس . الشخصية الاعتمادية يغلب علها الركون إلى غيرها والاستناد إلى الدعم الخارجي والقلق عند فقده . وغير ذلك من العلل والعلامات مما سنأتي عليه لاحقاً بإذن الله .
الشخصيةالانفعالية :-
صاحب الشخصية الانفعالية هو عبارة عن شخص ضعيف لا يستطيع أن يتملك أعصابه أو أن يتحكم بكلماته في الأوقات الحرجة، ولا يجب إهمال الأشخاص العصبيين بل يجب علينا تعلم الطرق الأنسب للتعامل معهم، وأن نعتاد على المشي داخل العاصفة والخروج منها بأفضل النتائج.
والحقيقة التي يجب أن نعلمها جميعاً عندما نتحدث مع الشخص العصبي أننا نشكل أكثر من 50% من عصبيته.
ويتساءل البعض كيف يكون ذلك؟ وهو الذي ينفجر غضباً ولأتفه الأسباب في الكثير من الأحيان؟
الإجابة بسيطة، حيث أننا لا نفتئ نذكر أمامه دائماً بأنه شخص عصبي ونكرر هذا دوماً، حتى يصبح من روتينه اليومي أن يسمع هذه الكلمة، أو استخدام جملاً مماثلة لمضمون واحد:
– أنت شخص سريع الانفعال.
– لن أتحدث في هذا الموضوع حتى لا تنفعل.
ومن هذه الجمل والعبارات التي تصف هذا الشخص بالعصبية فمَا الذي يحدث؟ فإنه يصبح دائماً على حافة الانفجار،وهذه الجمل تجعله يفكر بشكل متكرر أنه لماذا يحاول أن يتحكم في أعصابه مادام الجميع يعلم عنه هذه العصبية، فلا حاجة للمحاولة لأنها ستكون غير مجدية قطعاً ..فأنا عصبي هكذا أعرف عن نفسي وهكذا يخبرني الجميع ، وهكذا نكون قد صنعنا الـ 50% من عصبية هذا الشخص عندما جعلناه مهيئا ذهنياً للانفجار، ولذا فإن الخطوة الأولى للتعامل مع هذا الشخص العصبي هي ألا نجعله في هذا الوضع الذهني السلبي.ولذلك وبكل بساطة يجب الامتناع عن ذكر طبيعته العصبية أمامه باستمرار، بل من الأفضل أن نتعلم كيف نمتنع عن استخدام هذه الكلمة لوصفه في أي حالة من الأحوال، عندها نكون قد تخطينا الـ50% من المشكلة، وبقي النصف الآخر الذي سنتعرف على كيفية التعامل.
أجريت عدة تجارب في المعاهد المتخصصة أثبتت أن مجرد الإيحاءات والكلمات يمكن أن تصنع نمط الشخصية التي أمامنا، وتؤكد جميع الدراسات أن هذا التأثير الخارجي في تصرفات الإنسان مستمر، وهكذا فإن كلمة (أنت عصبي) قد تكون كافية لإحداث تأثير مباشر على تصرفات الشخص الذي أمامنا.
سمات الشخصية الانفعالية:–
- التسلط على الآخرين وعدم مراعاة حقوقهم فضلاً عن مشاعرهم.
- الجرأة الزائدة عن حدها في إبداء الرأي ووجهات النظر إلى حد إلزام الآخرين بها في بعض المواقف .
- المبالغة في إظهار مشاعر الاستياء والغضب والكره وعدم مراعاة مشاعر الآخرين في ذلك.
- الجرأة الزائدة في اتخاذ القرارات وتنفيذها (وبتهور أحياناً) وقد تكون قرارات حاسمة ومهمة ولا تقتصر تبعاتها عليه بل تمتد إلى غيره ( أولاده ،زوجته، طلابه، أصدقائه…).
- الإفراط في الاعتداد بالنفس (بالرأي والقدرات) وتحدي الآخرين وعنادهم.
- الحملقة في عيون الآخرين بقوة وقلة احترام وبنظرات تسلط تشعر الطرف المقابل وكأنه أمام عدو
- قوة في الصوت مع ارتفاع في نبراته وتسلط في عباراته كأنها أوامر ملزمة أو نواه صارمة.
سبل التعامل مع الشخصية الانفعالية:
أولاً: لا تأخذ الأمور بشكل شخصي:–
أسلوب الشخص العصبي خاص فيه فقط وليس لشيء مرتبط فيك شخصياً، فعادة ما يعبر الغضب عن ضعف الشخص الغاضب نفسه، ويكون أحياناً سبب الغضب الشعور بالفراغ أو الخوف من شيء ما، ولهذا يبحث الشخص عن شيء ما يشعره بالقوة والأهمية، بالطبع نحن لا نبرر افعال الغاضب نحن فقط نشرح لماذا يغضب بعض الأشخاص، وبهذا تكون العصبية هي طريقة الغاضب في التعامل مع الضغط الذي يتعرض له من أي نوع كان.
ثانياً: الحد من العدائية:–
تخلق العدائية طاقة سلبية حولنا، والدليل أنه عندما يتواجد حولك أشخاص غاضبين أو في أجواء مشحونة تلاحظ أنك قد أصبحت أقل طاقة وحيوية، ولهذا تجنب التعامل المستمر مع أولئك الأشخاص، وأفضل ما يمكن فعله عند التعامل مع الشخص العصبي هو أن لا تتدخل في كل ما يغضبه.
ثالثاً: الدفاع يضعف موقفك ويزيد حدة غضبه:–
إن اتباع أسلوب الدفاع سيشحن الجو بعدائية أكبر ويمنح الغاضب قوة ضدك، فمن المهم عند التعامل مع الشخص العصبي أن تصنع حدوداً ثابتة بينكم حتى لا يتخطاها ولكن ليس عن طريق استخدام أسلوب الدفاع فهذا سيزيد الوضع سوءاً.
رابعاً: لا تهاجم الغاضب قدر المستطاع:–
يعد الهجوم أفضل بيئة لتكاثر العدائية ولن يوصل الهجوم إلى أي حل، بل سيزيد الموقف ألماً وإحباطاً، والأسلوب من أهم الأسلحة في فن التعامل مع الشخص العصبي، لذا عليك مراعاة أسلوبك ومراقبة كلماتك والتحدث بنبرة فيها احترام وتقدير للغاضب لإشعاره بأهمية كلامه، مما يكون له الدور الأكبر في امتصاص غضبه بشكل سحري.
خامساً: عبر عن تعاطفك: –
عليك مراقبة أسلوبك في فن التعامل مع الشخص العصبي بالإضافة للتعبير عن تعاطفك مع الغاضب بكلمات لطيفة مثل أنا أفهمك، أنا أسمعك، أنا أوافقك الرأي.
سادساً: عدم الاستمرار في مناقشة الموضوع نفسه:–
عدم الاستمرار بالمناقشة عندما تبدأ ظواهر الانفعال بالظهور لدى الشخص وهذا لا يعني إطلاقا أن نقبل كل ما يصدر عنه رغبة في تجنب انفعاله، ولكن المقصود هنا إرجاء المناقشة لوقت آخر.
سابعاً: عدم الأنفعال مع الشخص المنفعل: –
لا يجب أن ننفعل مع انفعاله فهذا يزيد الأمر سوءاً، لذا يجب اختيار الوقت المناس للنقاش.
نصائح إضافية :-
– أصغ إليه جيداً لكي تمتص انفعاله و غضبه.
– حافظ على هدوئك معه دائماً و لا تنفعل أمامه.
– لا تأخذ كلامه على أنه يمس شخصيتك.
– تمسك بوجهة نظرك و دافع عنها بقوة الحجة و البرهان.
-أعده إلى نقاط الموضوع المتفق عليها.
– استخدم معه المنطق و ابتعد عن العاطفة.
– ابتسم و حافظ على جو المرح.
– استعمل أسلوب : نعم …… ولكن.
تمنياتي لكم بالموفقية
د. سلمى حسين كامل
مديرة وحدة الإرشاد النفسي
كلية التربية الأساسية – جامعة ديالى