
لجنة حقوق الانسان في اساسية ديالى تنظم ندوة علمية عن هجرة الشباب العراقي الى أوروبا والولايات المتحدة الامريكية الأسباب –الدوافع- المعالجات
عقدت لجنة حقوق الانسان في كلية التربية الاساسية وبالتعاون مع لجنة حقوق الانسان في كلية العلوم في جامعة ديالى ندوة علمية في كلية العلوم بعنوان”هجرة الشباب العراقي الى اوربا والولايات المتحدة الامريكية الاسباب – الدوافع – المعالجات“ اشترك فيها تدريسيو قسم التاريخ بكليتنا كل من(أ.د.قحطان حميد كاظم) و(م.د.مروان سالم نوري) و(م.م.ابراهيم محمد سليمان) وبحضور عدد من تدريسيي كلية العلوم وعدد كبير من طلبتها. وهدفت الندوة الى تعريف السادة التدريسيين والطلبة بمعنى الهجرة وأنواعهاومخاطرها لاسيّما هجرة الشباب العراقي فضلاً عن الجذور التاريخية لها ومعانات المهاجرين العراقيين وطرق الهجرة ونتائجها على بنية المجتمع العراقي وتطوره وأهم المعالجات للحد من الهجرة أو أيقافها.
وكانت أهم الأسباب للهجرة هي:
.الظروف الاقتصادية .
.ضعف وانعدام الامن في الكثير من المناطق.
.سوء الخدمات أو انعدامها وعدم وجود حلول تلوح في الافق.
.اليأس والاحباط لدى الكثير من الناس لاسيّما فئات الشباب.
.عدوان القاعدة ولقيطتها داعش على بعض المناطق.
.فشل وفساد بعض أجهزة الحكومة ومؤسساتها في عدم احتضان الشباب وتوفير فرص العمل المناسبة لهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
.الحروب والصراعات المسلحة التي يعاني منهاالعراق منذ سنوات.
.عدم فسح الفرص لأصحاب الكفاءات العليا بالمناصب التي يستحقونها، وحرمانهم من التقدم العلمي والمساهمة الحقيقية والبناءة في بناء مؤسسات الدولة العراقية على أسس سليمة وعلمية.
وقد تطرق السادة المحاضرون الى المعالجات للحد من الهجرة من خلال قيام الحكومة العراقية بإيقاف الهجرة إلى خارج البلاد عن طريق اتخاذ العديد من الإجراءات السياسية والاقتصادية والأمنية وعلى رأس هذه الإجراءات هي:
1- معالجة الوضع الأمني المتدهور في البلاد، وذلك بالإسراع بإتباع سياسات أمنية جدية في مواجهة الإرهاب والقضاء عليه بأسرع وقت ممكن، لان أي تأخير وإطالة أمد الحرب قد يقود إلى التذمر الشعبي، واليأس، وزيادة تدخل الدول ومنها ما نراه حاليا من فتح الهجرة للشباب، لهذا إن معالجة وإنهاء حالة الحرب في العراق واستقراه هي مفتاح إيقاف الهجرة، بل وعودة المهاجرين.
2- إعطاء الحقوق القومية والدينية للأقليات العراقية مثل “الايزيديون، والصابئة، والأشوريون، والكلدان، والشبك، والسريان”، وتوفير العيش الكريم لها، وتوفير الأمن في مناطقهم، واشراك كل فئات المجتمع في عملية صنع القرار لأنها جوهر الديمقراطية.
3- معالجة الثغرات الدستورية التي سببت العديد من المشاكل داخل العراق، ومنها إلغاء العمل بالمحاصصة الطائفية والقومية، والاعتماد على الكفاءة في تسلم المناصب في الدول سواء كانت مدنية أو عسكرية، مما يؤدي إلى بناء مجتمع المواطنة، وعلى العراقيين تشكيل حكومة وطنية تسهر على حماية ورعاية كل المواطنين، وان تطبق كل القوانين والقرارات المتعلقة بحياة المواطن دون تمييز.
4- معالجة الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد والذي يعتمد بشكل أساس على تصدير مادة النفط فقط، واعتماد سياسات اقتصادية تقود إلى تنويع مصادر الدخل في البلاد، وتطوير الزراعة والصناعة والقضاء على آفة الفساد المالي والإداري في البلاد،واستثمار المناطق السياحية المدنية والدينية المنتشرة في معظم محافظات العراق.
5- محاولة فتح أفاق أمام الشباب العراقي من خلال تعيينهم في مؤسسات الدولة المختلفة على أساس الكفاءة والخبرة لا على أساس المحسوبية والمنسوبية.
6- على وزارة الخارجية أن تأخذ دورها التاريخي في الحد من الهجرة من خلال الاتصال بالدول التي تستقطب العراقيين وعدم تسهيل إجراءات الهجرة، إذ ان بعض دول أوروبا قد فتحت أبواب الهجرة للعراقيين وبدون سابق إنذار، وهي سياسة معروفة الأهداف ومحاولة لتفريغ هذه البلاد من الكفاءات والطاقات الشابة، وهي محاولة أخرى بعد محاولة زج الإرهاب إلى العراق من قبل دول معروفة في المنطقة، كذلك على الأجهزة الأمنية إن تتخذ دورها في منع عمليات التهريب غير الشرعية ومنع المهربين واعتقالهم، لان عمليات الهجرة غير الشرعية تضر بسمعة البلاد واقتصاده.
7- كذلك علينا إن لا ننسى دور المرجعية الدينية في الحد من الهجرة من خلال إصدار الفتاوى والبيانات، وحث الشباب العراقي على التمسك بأرضه وحمايتها، فعلى الرغم من خطبة الجمعة 28 أب في الصحن الحسيني الشريف لم تخلو من التطرق لها، بل دعا ممثل المرجعية في كربلاء في هذه الخطبة الحكومة العراقية أن تبحث في أسباب الهجرة، ودعا الشباب إلى عدم الانجرار وراء الهجرة للغرب، إلا إن دور المرجعية يجب أن يكون اكبر من الدعوات.
ثم تطرق السادة المحاضرون الى أضرار هجرة الكفاءات العلمية حيث قالوا تعاني كل البلدان النامية من خسائر فادحة جراء هجرة كفاءاتها التي هي في أمس الحاجة إليها لتطوير بنيتها الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية. ولكن هناك تباين في مدى الخسائر بين بلد وآخر حيث بعض البلدان تعاني من فيض الكفاءات وعدم قدرة السوق المحلي على استيعابها مثل الهند ومصر. أما في حالة العراق فالأمر مختلف، حيث هناك حاجة لكل أو للغالبية الساحقة من الكفاءات في ضوء توفر البلد على موارد اقتصادية مهمة لكن المشكلة تكمن في السياسات الحكومية الخاطئة، على المستوى السياسي والاقتصادي، وعلى مستوى تخطيط وتكامل برامج التنمية، الأمر الذي يقلل من فرص الاستفادة من الكفاءات ويدفعها للهجرة.
تزداد خطورة هجرة الكفاءات يوماً بعد آخر باعتبارها عملية تهديم كبرى لكل المحاولات الرامية لتثوير التنمية والتطور التكنولوجي السريع، الأمر الذي يجعل الهوة العلمية والتكنولوجية والحضارية تزداد عمقا مقارنة مع البلدان المتقدمة. فمن خلال خسارة العنصر البشري المؤهل تتفاقم مشاكل التنمية وتتضاعف خسائرها أكثر فأكثر نتيجة العجز الكبير الذي يحدث لها في القدرات العلمية والتكنولوجية مما يحدد ويضيق كثيراً من حجم الطاقة الاستيعابية للاقتصاد عموما.
إن الخسارة التي تلحق البلدان من جراء هجرة الكفاءات لا تقتصر على تحمل كلفة تهيئة الكوادر دون الاستفادة منها فحسب، إنما تكمن أيضاً في حرمانها من كل القيم الجديدة المضافة في مختلف فروع الأنشطة الاقتصادية، والتي تضيفها هذه الكوادر في الدول التي تهاجر إليها. هذا إضافة للخسائر المتحققة من خلال ما يلحق بأجهزة التعليم من أضرار من جراء تناقص رصيدها من هذه الكفاءات الأمر الذي يضعف من قدرتها في تعبئة القوى البشرية اللازمة للتنمية.
بسبب هجرة العلماء الدائمة من العراق ظهرت مشكلة قلة خبراء التدريس والمبدعين وقادة البحث العلمي بالرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها العقول العلمية المتخصصة الباقية في البلاد في الارتقاء بمستويات التدريس. ويبدو أن استمرار مثل هذا الوضع أدى إلى تدهور مستويات الدراسة في الجامعات. لكن وزارة التعليم العالي بسياستها الصائبة في إيفاد أعداد كبيرة من التدريسيين إلى الخارج ولفترات طويلة نسبيا سيساعد بدرجة كبيرة في الحد من هذا التردي ولربما عكس مساره. وفي تقديرنا أن هذا مرهون بتبني سياسة محكمة لإدارة الإيفادات العلمية على المدى المتوسط والبعيد، تعتمد الكفاءة، وتكون نهجاً ثابتاً وليست مرحلة مؤقتة. إذ يلاحظ أنه حتى الدول المتقدمة لا تستغني عن التبادل العلمي نظراً لمردوداته الكبيرة في تطوير مهارات الكفاءات العلمية واغناء تجربتها ومن ثم مساهمته في تطوير كامل البنية الأكاديمية والبحثية.
وبالنسبة للخسائر المادية الكبيرة التي يتكبدها العراق نورد هنا بعض الأمثلة: بلغت كلفة تدريس وتخرج طالب كلية الطب أكثر من (45000) دولار في السبعينات. وبحسب دراسة أعدتها منظمة الطاقة الذرية العراقية عام 1989 قُدرت كلفة دراسة الحائز على الدكتوراه في العلوم والتكنولوجيا (140000) دولار. وقدر كلفة هجرة 17500 حامل ماجستير و7500 حامل دكتوراه بـ 4550.45 مليون دولار بينما تبلغ كلفة استقطابهم 1125 مليون دولار وبذلك يحقق العراق فيما إذا عادوا وفراً يبلغ 3452.45 مليون. وهو يشكل نسبة عائد 30%. ومما يزيد المشكلة تعقيدا إن تعويض هذه الكفاءات يحتاج إلى الوقت والمال، ويتوجب على البلد أن ينتظر بين 15-20 سنة لتعويض هجرة مائة طبيب من ذوي الاختصاص. إضافة إلى انعكاسات هذا في تراجع الخدمات الطبية.
وهناك جانب آخر من الخسارة ناتج من أن الكثير من المتخصصين وأصحاب الكفاءات لا يجدون أعمالا تتناسب مع مؤهلاتهم العلمية والمهنية، وبالأخص في بلدان اللجوء، نتيجة صعوبات تعلم اللغة الجديدة أو الاختلاف في تقييم الشهادات أو التمييز العنصري، وكل هذه تساهم في انتشار البطالة وسطهم. حيث بلغت البطالة 12% لذوي التعليم العالي من العراقيين في ثمانية دول متقدمة كما ذكرنا ذلك. لذلك نرى غالبية اللاجئين العراقيين تعيش في مستوى دخل منخفض في دول اللجوء يتمثل في الحد الأدنى. ففي هولندا بلغت البطالة وسط السكان النشيطين اقتصادياً 40% للذكور و31% للإناث وهي مرتفعة جداً مقارنة بالأجانب من خارج الدول الغربية التي كانت 16% و15% على التوالي عامي 2003 و2004.
يشكل المهاجرون الحاصلين على شهادة الجامعة حوالي 10-15% من القوى العاملة العراقية الوطنية. والكثير من الدول التي وصفت بأنها ضحية الهجرة الماهرة تحسنت وضعيتها حيث انخفضت نسبة المهاجرين المتعلمين من مجموع القوى العاملة الوطنية عام 2000 مقارنة بعام 1990 عكس العراق فقد ارتفعت من حوالي 8% إلى أكثر من 10% خلال ذات الفترة. وما نتوقعه الآن ارتفاع هذه النسبة أكثر من ذلك بكثير، وهذا يعكس تفاقم نزيف الكفاءات العراقية.
معالجة هجرة الكفاءات
ويمكن أن تسهم المقترحات التالية في عودة الكفاءات المهاجرة والاستفادة منها.
1. إرساء دعائم الأمن والنظام والاستقرار في عموم العراق وبدون ذلك لا يمكن الحديث عن وقف الهجرة وعودة الكفاءات سواء بشكل دائمي أو وقتي.
2.تأسيس بنك للمعلومات يقوم بجمع البيانات الكافية عن أصحاب الكفاءات وتوثيق شهاداتها وكفاءاتها العلمية والثقافية والفنية والإدارية، ويمكن أن يرتبط هذا البنك أو يدعم من قبل السفارات العراقية.
3. تشكيل لجان تهتم بشؤون عودة الكفاءات في دول المهجر.
4. تشكيل دائرة متخصصة في وزارة التعليم العالي تهتم بأصحاب الكفاءات المهاجرة.
5.عقد مؤتمرات لأصحاب الكفاءات المهاجرة في العراق يمكن أن تنبثق عنها لجان استشارية تساعد وتدعم عمل دائرة الكفاءات.
6.تقوم الدائرة المتخصصة بتنظيم العلاقة بين الكفاءات المهاجرة والجامعات العراقية ومراكز البحث العلمي، ووضع الجداول الزمنية للزيارات والمحاضرات وتنفيذ المشاريع العلمية المشتركة.
7.تقوم الدائرة بتوفير الأعمال لأصحاب الكفاءات في الجامعات ومراكز البحث العلمي والوزارات ومؤسسات الدولة الأخرى وفي المصانع والمؤسسات الإنتاجية والخدمية.
8.تقدير الكفاءات المهاجرة وتثمين دورها في خدمة الوطن وذلك بتوفير مناخ البحث العلمي والأكاديمي وتقديم الحوافز المادية والمعنوية ومستلزمات المعيشة الأخرى وتوفير تسهيلات السفر للمشاركة في المؤتمرات العلمية.
9. يجب أن تستفيد من هذه الإجراءات الكفاءات العلمية المحلية أيضاً لكي يكون هناك تفاعل وتعاون بينها وبين الكفاءات المهاجرة ولكي لا تشعر بالغبن والتمييز.
10. الاستفادة من تقنيات التعلم عن بعد لإلقاء محاضرات وتنظيم حلقات دراسية ونشاطات علمية أخرى للكفاءات التي لا تستطيع العودة إلى العراق.
وخرجت الندوة بالتوصيات والمقترحات الآتية:
1.تقديم صيغ مشاريع تكنولوجية لغرض تنفيذها داخل الوطن وتشغيل الشباب العراقي المؤهل فيها بالاستفادة من الطاقات العراقية المتواجدة في الخارج، وتوفير فرص العمل للشباب من خلال بناء المصانع وتوسيع الزراعة وتفعيل السياحة ومنح القروض الميسرة.
2.تقديم النصيحة والتوعية بمخاطر الهجرة وانعكاساتها على البلد في المستقبل القريب المنظور والمستقبل البعيد الغير منظور وذلك من خلال عقد الندوات والمؤتمرات والقاء المحاضرات والافادة من دور وسائل الاعلام المقرؤة والمسموعة والمرئية للتثقيف عن الموضوع.
3.فسح المجال امام الشباب لاسيما الجامعي للمشاركة في النشاطات الاكاديمية والبحثية العلمية التي تقوم بها الجامعات العراقية وتنمية قابليات الطلبة ومهاراتهم الرياضية والفنية وغيرها عن طريق اقامة الدورات وورشات العمل في جامعاتهم ومؤسساتهم العلمية.
4.تأسيس هيأة وطنية تهدف الى الدفاع عن مصالح العراق والعراقيين نحو تحقيق التقدم في المجالات العلمية والتكنولوجية وتعبئة الموارد البشرية العراقية في سبيل خدمة البحث العلمي والتكنولوجي المتميز والمتعلق بالأولويات التنموية ،
5.القضاء على أسباب هجرة النخب والكفاءات فهي تؤدي الى فقدان ثروة وطنية وخسارة لا تعوض للبلاد.