مقال بعنوان: التـــــسامــــح بقلم/ أ.م. شاهين سهام عبدالرزاق Shaheensuham82@gmail.com جامعة ديالى – كلية التربية الاساسية – قسم التاريخ
مقال بعنوان: التـــــسامــــح
بقلم/ أ.م. شاهين سهام عبدالرزاق Shaheensuham82@gmail.com
جامعة ديالى – كلية التربية الاساسية – قسم التاريخ
أهمية التسامح من القيم الأخلاقية المهمة والتي لها مكانة كبيرة في كل المجتمعات، وبالحديث عن أهمية التسامح في الإسلام، يمكن القول إن الإسلام قد حث على التسامح ودعا إليه، لما فيه من نيل لمرضاة الله تعالى، وتخلق بأخلاق القرآن الكريم، وما دعا إليه الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- إذ ذكر الرسول الكريم أن العفو والتسامح سبب من أسباب نيل العزة والشرف والمكانة. أما أهمية التسامح على الصعيد الإنساني تتجلى في أن االإنسان المتسامح يشعر بالسلام الداخلي، ويحقق الرضا عن الذات عندما يعفو عن إنسان آخر، وعندما يتسامح مع شخص مختلف معه سياسيًا أو فكريًا أو دينيًا أو اجتماعيًا، ولا بد أن يكون لهذا التسامح الأثر الكبير في نفوس من يحيطون به، إضافة إلى أنه سيكون قدوة صحيحة يُحتذى بها بين الناس. لا يمكن إنكار آثار التسامح التي تُشكّل جزءًا من أهميته، فعندما يحل التسامح يحل معه الخير والحب والسلام والطمأنية، فتزهر حياة المجتمعات، وتملأ السعادة قلوب البشر جميعًا، ويتلاشى الحقد والكره ويبتعد الغضب والشجار ويتربع السلام على عرش مملكة البشرية، وهو ينظر بحبور إلى التسامح مالئًا قلوب البشر، مجمّعًا بينهما، رابطًا أوصالهم بعضها ببعض.
التسامح في الإسلام
التسامح في القرآن الكريم
يعد التسامح من أعظم القيم التي نادى بها الإسلام، ومن اهم الدعائم التي بني عليها وساعدت في انتشاره، فها هم الناس يدخلون في الإسلام اعجابًا بتسامح أهله ورحمتهم فهم يعفوا ويصفحوا عن الكثير كما أمرهم الله عز وجل، وكما جاء في قرآنه الكريم “وإذا جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله، إنه هو السميع العليم”.
وقد ورد في القرآن الكريم الكثير والكثير من الآيات الداعية إلى التسامح، وليس إلى التسامح فقط، بل إلى مقابلة السيئة بالحسنة فيقول الله عز وجل “ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌ حميم”.
ولقد وضع الله سبحانه وتعالى ثلاثة قواعد في آية قصيرة ولكنها عظيمة المعنى، حين قال “خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين”.
تعددت الآيات التي تحث على التسامح والعفو والتي لا يمكننا حصرها جميعًا نظرًا لكثرتها، ولكن لا ينبغي أن نغفل تلك الآية العظيمة التي لم يقتصر المعنى فيها عن التسامح فقط بل فاض فيها معناها فيقول الله “قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين”؛ وهو قول سيدنا يوسف لإخوته حين عفا عنهم؛ وفيها اكتمل المعنى بالتسامح التام بل فاض المعنى حتى أنه لم يعبر عن ذكر ذنبهم السابق، بل إنه دعا لهم فوق ذلك بالرحمة والمغفرة.
التسامح في الحديث النبوي الشريف
– من الأحاديث النبوية التي وردت عن الرسول “صلى الله عليه وسلم”، والتي تدعو إلى التسامح، حين قال:
“ألا أخبركم بمن يحرم على النار، أو من تحرم النار عليه؟، كل قريب هين لين قريب سهل”؛ أي كل قريب من الناس، لين الطبع، وسهل التعامل، ليس صعب الرضا، ولا يترصد للناس أخطائهم.
– وفي موقف آخر يذكر أن الرسول كان يجلس مع أصحابه، فقال “يطلع عليكم الآن رجلٌ من أهل الجنة” فجاء رجلًا وجلس معهم ولما قام الرجل قال الرسول: “قام عنكم الآن رجل من أهل الجنة”، وتكرر الأمر ثلاث مرات وفي كل مرة كان يطلع هذا الرجل، فاحتار الصحابة في أمر هذا الرجل، فذهب عبد الله بن عمرو بن العاص ليبيت معه ويراقب أفعاله وبقي معه ثلاثة ليالي فلم يجده يفعل أكثر مما يفعل المسلمون من أداء الفرائض، حتى يقول إني كدت أن أحتقر عمله، فسأله عن ذلك فقال له الرجل:
“مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ؛ غَيْرَ أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا وَلَا أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ” فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ، وَهِيَ الَّتِي لَا نُطِيقُ.
التسامح مع غير المسلمين
– ان التسامح في الإسلام لم يقتصر فقط على تسامح المسلمين مع بعضهم البعض، بل اشتمل على التسامح مع غير المسلمين ايضًا، وفي تعامل الرسول مع المشركين خير مثال على ذلك؛ ففي رحلة الرسول إلى الطائف يدعوهم إلى الإسلام وكانت تلك أصعب الأيام عليه بعد غزوة أحد، وقد لاقى من قومها ما لاقى من الأذى؛ فجاء إليه جبريل يستظله بسحابة فوق رأسه وقال له:
“يا محمد ان الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت، ان شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟”
فقال له رسول الله:
“بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا”.