
مشاركة أساتذة أساسية ديالى في مناقشة أطروحة دكتوراه بجامعة بغداد عن تاريخ ديالى 1958- 1968
تم بعونه تعالى مناقشة أطروحة الدكتوراه للباحث سعد محمد علي حسين والمعنونة ” لواء ديالى 1958- 1968 دراسة تاريخية ” في الساعة التاسعة من صباح يوم الأحد الموافق 14 حزيران 2015 في كلية التربية للعلوم الإنسانية – ابن رشد /جامعة بغداد، وقد تألفت لجنة المناقشة من الأستاذ الدكتور صباح مهدي رميض رئيساً والأستاذ المساعد الدكتور قحطان حميد كاظم عضواً والأستاذ المساعد الدكتورة علياء محمد حسين عضواً والأستاذ المساعد الدكتور كريم مراد عاتي عضواً والأستاذ المساعد الدكتورة صبا حسين مولى عضواً والأستاذ الدكتور علي محمد كريم عضواً ومشرفاً. وتوصلت الأطروحة الى جملة من النتائج أهمها الصلاحيات الواسعة والمتنوعة لموظفي الجهاز الإداري لوزارة الداخلية في لواء ديالى في القضايا التي تعدّ من صلب عمل القضاء خلال المدة (1958 – 1963) . فمما يَجدُر ذكره أنّ رئاسة الحكومة ومنذ بداية الثورة أعلنت الاحكام العرفية في مختلف مناطق العراق ومنه لواء ديالى وفرضت حظراً للتجوال واصدرت العديد من الأوامر والبيانات باسم الحاكم العسكري العام لتقييد حركة المواطنين كمنع التجمعات والتظاهرات ومنع حمل الاسلحة , لذلك اصبحت الادارة المحلية للواء ديالى تحت نظر واشراف من الحاكم العسكري وجمدت القوانين المدنية وأصبحت السلطة بيد الادارة العرفية وحتى نهاية حكم عبد الكريم قاسم . .
كما ظهر للباحث بأن الجهاز الاداري (المحلي) للواء ديالى كان ذو كفاية وفيه شخصيات ادارية ذات نزاهةَّ وسمعةً طيبةً انعكست على سير عمل الكادر الوظيفي في مختلف مؤسسات الادارة المحلية في اللواء .
قامت وزارة الداخلية باستحداث العديد من الوحدات الادارية الجديدة في لواء ديالى لظروف اقتضتها متطلبات المتغير الجديد بعد نهاية العهد الملكي وقيام النظام الجمهوري ساعية من ذلك ايصال الخدمات العامة الى جميع مدن وأقسام اللواء وتسهيل مراجعة المواطنين للدوائر والمؤسسات الحكومية فضلاً عن تقسيم العمل والتخفيف من اعمال وواجبات بعض الوحدات الادارية التي توسعت باستحداث مرافق جديدة , وقد احصى الباحث نحو (3) وحده ادارية تم استحداثها خلال المدة (1958 – 1963) وشملت (3) ناحية وعلى صعيد متصل بذلت وزارة الداخلية جهوداً كبيرة لرفع المستوى الاداري في البلاد , ومن جملة ما فعلته في هذا الباب فتح دورات تدريبية لإعداد مديري النواحي ففتحت الدورة الاولى في شباط 1961 والدورة الثانية في نيسان 1961 واشترك في هذه الدورات عدد من مدراء نواحي لواء ديالى . كما عقدت الوزارة العديد من المؤتمرات للمتصرفين فكانت أربع مؤتمرات خلال المدة (1958-1961) حضرها متصرفو لواء ديالى في تلك المدة وذلك لدراسة جميع المشكلات الادارية وتبادل وجهات النظر بين المتصرفين بوصفهم رؤساء للوحدات الادارية ومسؤولين عن تنفيذ المشاريع العمرانية . كما لاحظ الباحث فيما يخص تاريخ شغل المناصب أنّ معظم كبار موظفي الادارة المحلية في لواء ديالى قد شغلوا مناصبهم بعد 14 تموز 1958 ما عدا قلة منهم كانوا يشغلون هذه الوظائف او المناصب منذ العهد الملكي . ويظهر أنَّ هذا الامر مرده الى سببين الاول هو كفاءة واخلاص الموظفين الاداريين في المناطق التي شغلوا مناصبهم ووظائفهم فيها والسمعة الطيبة لهم .
وتَجَلتْ أهمية الادارة المحلية في لواء ديالى خلال المدة (1958-1968) بالخدمات المختلفة التي قدمتها للمواطنين فضلاً عن تعزيز شعور الاهالي بالمسؤولية في ادارة الدولة نتيجة لاشتراكهم فيها , وتنمية الوعي الثقافي وتكثيف الخدمات التي قدمتها الدولة للإدارات المحلية واستثمار الطاقات والكفاءات المحلية.
وفي الجانب التربوي والتعليمي يبدو ان العدد الاكبر من المدارس كان في قضاء بعقوبة وهو امر طبيعي لأنه مركز اللواء وعدد سكانه اكثر من الاقضية الاخرى مما يتطلب زيادة عدد المدارس فيه فضلاً عن الوعي لأهالي القضاء الاكثر تشجيعاً من الاقضية الاخرى , ويأتي بالمرتبة الثانية قضاء الخالص لكثرة سكانه ايضًا ومساحته الواسعة وقراه الكثيرة المنتشرة مما يتطلب انشاء مدارس عديدة لتلبية حاجات سكانه المحليين , وجاء بالمركز الثالث قضاء خانقين ثم اقضية المقدادية وبلدروز . كما لاحظ الباحث تأسيس رياض الاطفال في خانقين ثم الخالص وربما هذا يشير الى كثرة الموظفين في هاذين القضاءين مما يتطلب ترك ابنائهم في رياض الاطفال فضلاً عن وجود وعي مجتمعي بأهمية تلك المدارس لتعليم ابنائهم في المراحل اللاحقة . لكن العدد الاجمالي لعدد المدارس في المدة 1964-1968 قل عن مدة حكم عبد الكريم قاسم 1958-1963 بفارق (46) مدرسة . وان مرد ذلك قلة التخصيصات الحكومية لميزانية التربية والتعليم وتوجهها نحو المؤسسة العسكرية وتطويرها على حساب المؤسسات الاخرى , فضلاً عن الاكتفاء المتحقق من بناء المدارس في المدة السابقة في العهد الجمهوري الاول مما مكن الحكومة من توجيه نفقاتها نحو المشاريع الاخرى.
يمكن القول ان أبرز منجزات ثورة 14 تموز هو في مجال التربية والتعليم إذ انتشرت المدارس في القرى والارياف وانتشرت الثقافة بشكل واسع في هذه المدة كما أن بناء المستشفيات والمستوصفات والمراكز الصحية قد توسع بشكل مهم وتحسنت نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين وخصص مجلس اللواء الكثير من الاراضي لبناء المؤسسات التعليمية والصحية وغيرها في عموم اللواء مما رفع من المستوى الصحي وقلل من خطر الاصابة بالأمراض المعدية وعزز من الصحة العامة ايضاً .
وحظي قطاع الزراعة والثروة الحيوانية بدعم الحكومة المحلية في لواء ديالى ومن ذلك توزيع الاراضي وانشاء حقول الدواجن والمجازر , وكذلك فقد اهتمت الادارة المحلية في اللواء بقطاع الري إذ اكتمل بناء سد دربندخان عام 1961 وكذلك تم الانتهاء من اعمال مشروع قناة خانقين عام 1963 هذا المشروع الذي يحمي قضاء خانقين من خطر الفيضان . مما انعكس ايجابياً على مجتمع لواء ديالى الذي شهد استقراراً جيداً خلال مدة الدراسة لذلك كانت نسبة الهجرة من الريف الى المدينة محدودة جداً في لواء ديالى لتوافر وسائل العيش في المناطق الريفية الغنية بالمياه والزراعة .
اما القطاع الصناعي في لواء ديالى فكانت الصناعات الاستهلاكية فضلاً عن وجود الصناعة النفطية في قضاء خانقين , ولم يتجاوز عدد المشاريع الصناعية في اللواء عن (19) مشروع وهذهَ الحالة تؤشر تأخر الصناعة في لواء ديالى مقارنة مع ألوية العراق الاخرى .
كما تم اكتشاف العديد من المناطق الاثرية بعد عمليات التنقيب التي جرت في اقضية بعقوبة والمقدادية والخالص في المدة 1965-1966 , مما يعكس المدى الحضاري للواء ديالى وقيام حضارة عريقة فيه موغلة في القدم .
أنجب لواء ديالى العديد من الشخصيات الاجتماعية والاصلاحية التي ادت دوراً اجتماعياً وفكرياً واصلاحياً واضحاً من ابرزهم السيد عبد الكريم المدني الذي تبنى موقف التوحيد بين المذاهب والقوميات والاديان , كذلك فقد شارك السيد عبد الكريم ابناء ديالى في كل فعالياتهم الافراح والمآتم فضلاً عن اعالته للأيتام والارامل , وكان يجزي العطاء للفقراء والمساكين ويساهم في فك زواج المعوزين وعرف عنه انه كان كثير الدعاء للمرضى , فكانت اعماله هذه الدعامة القوية في تماسك ابناء ديالى والتفافهم حوله .فضلاً عن الشيخ حبيب الخيزران والشيخ عبدالله الحسوني اللذان كانا من الشخصيات الاجتماعية التي أدت دوراً مهماً في حل المنازعات العشائرية واصلاح ذات البين بين عموم عشائر ديالى.