
من مقاعد الدراسة نصنع سلامنا… احتفالية فكرية في رحاب اساسية ديالى تكسر صمت التطرف وتؤسس لمجتمع آمن
في مشهد استثنائي جمع بين العقل والضمير، الفكر والفن، التعليم والمجتمع، احتضنت كلية التربية الأساسية في جامعة ديالى احتفالية نوعية حملت عنوانًا عميق الدلالة: “من مقاعد الدراسة نصنع سلامنا”، لتتحول قاعة الكلية إلى منصة حوارية مفتوحة بين الطلبة، والتربويين، والمجتمع المدني، في مواجهة العنف بالتربية، والتطرف بالمعرفة.
جاءت هذه المبادرة بالتنسيق بين اللجنة الفرعية لمكافحة التطرف العنيف في محافظة ديالى، وبدعم من منظمة بوابة العون للتنمية الاقتصادية، وبتمويل من الصندوق العالمي، وبالشراكة الفعلية مع عمادة الكلية، ممثلة بالسيد العميد الاستاذ المساعد الدكتور ايمن عبد عون، وبجهد مشترك من شعبة الأنشطة الطلابية وشعبة الإعلام والاتصال الحكومي في الكلية، ضمن برنامج صمود وإعادة دمج المجتمع.
شهدت الاحتفالية، التي تحولت إلى تظاهرة تربوية وفكرية فريدة، مشاركة نوعية من الأكاديميين، والطلبة، وممثلي الأجهزة الأمنية، والشرطة المجتمعية، ومنظمات المجتمع المدني، فضلاً عن حضور فاعل لتلاميذ المدارس، في تأكيد رمزي على أن السلام يبدأ من مقاعد الدراسة، وأن التغيير الحقيقي يصنعه التعليم لا غير.
افتُتحت الاحتفالية بتلاوة عطرة من آيات الذكر الحكيم، تلاها الوقوف لقراءة سورة الفاتحة ترحماً على أرواح شهداء العراق، ثم عزف النشيد الوطني، لتبدأ الكلمات الرسمية التي كانت بمثابة مداخلات فكرية لا مجرد بروتوكولات.
في كلمته، أكد السيد حسن الجبوري، رئيس اللجنة الفرعية لمكافحة التطرف العنيف، أن محاربة الأفكار المنحرفة لا تكون إلا بزرع قيم المواطنة والسلام في المنهاج والوعي الجمعي، مشددًا على دور المؤسسات التربوية كخط دفاع أول في مواجهة التطرف.
من جهته، ألقى الأستاذ المساعد الدكتور مصطفى مهدي، مدير شعبة الأنشطة الطلابية، كلمة عمادة الكلية، مؤكدًا أن الكلية لا تكتفي بتخريج الطلبة أكاديميًا، بل تسعى إلى تكوينهم وطنيًا وإنسانيًا، ليكونوا صناع سلام في مجتمع متعب بالحروب والذاكرة.
وتخللت الاحتفالية تقديم عروض فنية وتربوية مؤثرة قدّمها تلاميذ المدارس، نقلوا من خلالها رسائل براءة وسلام إلى الحضور، في لحظات امتزج فيها الرمز بالواقع، وتجلت فيها صورة التعليم كقوة ناعمة قادرة على إعادة تشكيل الوعي المجتمعي.
وفي لمسة تقديرية، جرى توزيع الجوائز على الطلبة الأوائل في المحافظة، في إشادة بقوة الإرادة الطلابية، وإيمانًا بأن التميز الدراسي هو أحد مداخل السلام الفردي والاجتماعي.
وبهذا الدور الحيوي، تؤكد كلية التربية الأساسية في جامعة ديالى أنها ليست مجرد مؤسسة أكاديمية تُعنى بتخريج الكفاءات العلمية، بل فضاء تربوي– مجتمعي فاعل يسهم في ترسيخ ثقافة السلام، وتعزيز الهوية الوطنية، ودعم مسارات التنمية المستدامة. ومن خلال شراكاتها الفاعلة مع مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني، تواصل الكلية أداء رسالتها التنويرية، عبر إطلاق مبادرات نوعية تسهم في الوقاية من التطرف، وتوسيع دوائر الحوار المجتمعي، وتمكين الفئات الشابة لتكون جزءًا من الحل لا من المشكلة، ومن البناء لا من الهدم.
وتأتي هذه الفعالية متناغمة مع الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة: السلام والعدل والمؤسسات القوية، حيث تؤمن الكلية أن السلام ليس مجرد غياب للعنف، بل هو حضور عادل للفرص، والتعليم، والعدالة الاجتماعية.
