النظرية Theory
كل منهج لفهم الشخصية بدأ مع نظرية. هذه النظرية عادة اتت من كتابات عدد من علماء النفس المهمين الذين قدموا وصفهم لانماط السلوك الثابتة والعمليات الداخلية للفرد. لقد فسروا الاليات التي تكمن وراء شخصية الانسان والكيفية التي تكون فيها هذه الاليات مسؤولة عن تكوين نمط سلوك مميز لشخص بعينه. في معظم الحالات حاول المنظرين تفسير الكيفية التي تتطور فيها الاختلافات في الشخصية. العديد منهم ايضا وصفوا الطرق التي تتغير فيها الشخصية اعتمادا على نظرياتهم.
بالاضافة الى ذلك كل نظرية تميل الى التأكيد على جانب مختلف من الشخصية، وكل منظر عليه ان يتصارع مع عدة مواضيع عندما يصف طبيعة الشخصية الانسانية. القليل من هذه المواضيع يتم تقديمها في الاقسام القادمة. طريقة المنظرين في كل من المناهج الستة والتي تعامل بها عموما مع هذه المواضيع قد تم تقديمها في الشكل التخطيطي 1.1.
التأثيرات الجينية مقابل البيئية. هل مقولة ان الانسان يولد مع بذور شخصية البلوغ هي سليمة بالفعل؟ او اننا ندخل عالمنا بدون ميول شخصية موروثة، كل طفل يولد معافا فهو يماثل اي طفل اخر بحيث يمكن ان يصبح انسانا عظيما او مجرما او قائد او مريضا ذهانيا عاجزا؟ من الطبيعي فان هناك مجالا واسعا لآراء اخرى بين هاتين الرؤيتين. ولكن اغلب منظري الشخصية قد وضعوا السؤال التالي: الى اي مدى تكون شخصياتنا هي نتيجة للاستعدادات الوراثية، والى اي مدى تتشكل شخصياتنا بواسطة البيئة التي ننموفيها؟ العديد من علماء السمات والاحياء قالوا ان في اغلب الاحيان قد فشل الكثير من علماء النفس في التعرف على اهمية النزعات الوراثية. وبدرجة اقل منظري التحليل النفسي ايضا ركزوا على الحاجات الفطرية وانماط السلوك، ولو في اللاوعي. بينما ان الانسانيين، السلوكيين/التعلم الاجتماعي ومنظري الاتجاه المعرفي فقد كانوا اقل احتمالا للتركيز على تأثير الوراثة في الشخصية. ان جواب هذا السؤال كان الى حد ما تجريبيا. لقد اشارة العديد من الدراسات الى اشتراك بعض العوامل الوراثية على الاقل في تطور الشخصية (الفصل 10).
الوعي مقابل اللاوعي في تحديد السلوك.Conscious versus Unconscious Determinants of Behaviour.
الى اي مدى يدرك الناس بواعث سلوكهم؟ عالم النفس سيجموند فرويد يقول ان اكثر ما نقوم به هو تحت سيطرة قوى اللاوعي، تلك التي من خلال تعريفها نحن غير قادرين على ادراكها. ب . ف. سكنر، وهو احد منظري السلوك المؤثرين، يقول ان الناس يزعمون انهم يفهمون بواعث تصرفاتهم بينما في الحقيقة هم لايفهمون. في المقابل، اعتمد منظري السمات والاتجاه المعرفي بقوة على بيانات التقرير الذاتي في تطوير نظرياتهم وبحوثهم. مثال على ذلك ، لقد افترضوا ان الناس قادرين على التعرف وتقرير مستوى قلقهم الاجتماعي او كيفية تنظيم المعلومات في عقولهم. مع ذلك علماء النفس هؤلاء بقوا محتاطين من المواقف المتطرفة في هذه المسألة. ادرك علماء النفس المعرفيون بشكل متزايد بان مقدار كبير من معالجة المعلومات تجرى في المستوى ما تحت الوعي. علماء النفس الانسانيين غالبا ما اتخذوا موضع وسط في هذا الموضوع. بالرغم من انهم وضحوا بانه لا احد يستطيع فهمنا اكثر من انفسنا، مع ذلك اعترفوا بان عدد كبير من الناس لم يفهموا لماذا تصرفوا بالطريقة التي تصرفوا بها.
الارادة الحرة مقابل الحتمية Free will versus determinism
الى اي مدى نقرر مصيرنا بايدينا، والى اي مدى يحدد سلوكنا من قبل قوى خارج سيطرتنا؟ هذا موضوع قديم في علم النفس وقد راج قديما عبر النقاشات الفلسفية واللاهوتية. على احد الاطراف نجد المنظرين من الاتجاه السلوكي / التعلم الاجتماعي والذين يدعون بالسلوكيين الراديكاليين Radical . ربما من اشهر من تكلم في هذا الموضوع كان ب. ف. سكنر والذي ادعى بان سلوكنا ليس مختارا تماما ولكنه نتيجة مباشرة للمحفزات البيئية التي نتعرض لها. سكنر دعاها خرافة الحرية. منظري التحليل النفسي اتخذوا موقفا اقل تطرفا ولكنهم ضلوا مركزين على الحاجات الداخلية واليات اللاوعي والتي تترك الكثير من سلوك الانسان خارج نطاق سيطرتنا. في الطرف الاخر كان منظري الانسانيين الذين اكدوا على ان اختيار الشخص ومسؤوليته هي حجر الزاوية في صحته العقلية. المعالجين النفسيين الانسانيين كانوا يشجعون عملائهم على الدوام للتعرف على المدى الذين هم مسؤولين به عن حياتهم.
كان هناك وضوح اقل في هذا الموضوع عند منظري السمات والبايلوجيين والمعرفيين والذين من الممكن انهم كانوا في وضع ما بين الاخرين. منظري السمات والبايلوجيين ركزوا غالبا على النزعات الجينية والتي تميل للحد من النمو في مجالات محددة. ولكن لا احد من علماء النفس هؤلاء قد برهن على ان الشخصية هي بالكامل نتيجة هذه النزعات البايلوجية. وبالمثل فان المعالجين المعرفيين غالبا شجعوا عملائهم ليتعرفوا كيف يتسببوا بالكثير من مشاكلهم ويساعدوهم ليطوروا اليات يتجنبوا من خلالها الصعوبات المستقبلية.
التطبيق Application
من اكثر الطرق وضوحا لاستخدام علماء نفس الشخصية لنظرياتهم في تحديد الحاجات الشخصية والاجتماعية هي من خلال العلاج النفسي. ان العديد من علماء الشخصية الرئيسين كانوا ايضا معالجين وهم طوروا وحسنوا افكارهم حول الشخصية الانسانية من خلال عملهم مع زبائنهم (مرضاهم). لقد كان المعالجين النفسيين من انماط مختلفة، كل منهم عكس افتراضات التي كونها المعالجين عن طبيعة الشخصية. على سبيل المثال، المعالجين التحليليون يعتقدون ان اللاوعي يسبب مشكلة السلوك. المعالجين الانسانيين اكثر احتمالا للعمل بطريقة غير مباشرة لأعداد الجو الملائم والذي بواسطته يستطيع العملاء اكتشاف مشاعرهم. المعالجين المعرفيين يحاولون تغييرطريقة معالجة المعلومات من قبل عملائهم . بينما السلوكيون يقومون اساسا ببناء البيئة بحيث تزداد احتمالية تكرار السلوك المرغوب وتقليل السلوك غير المرغوب. نظرية وابحاث الشخصية استخدمت ايضا من قبل علماء النفس في التعليم والادارة والارشاد. في الفصل القادم ، سوف ترى ماذا قال منظري الشخصية حول الدين والتعليم الفعال واختيار المهن.
التقييم Assessment
ان الطريقة الي تقاس بها الشخصية من قبل علماء النفس تعتمد على اي من المناهج الستة التي يلتزمون بها. على سبيل المثال ان باحثي الشخصية عادة ما يستخدمون استمارة التقرير الذاتي ، والتي من خلالها يجيب المستجيب على سلسلة من الاسئلة حول انفسهم. بينما يهتم علماء نفس التحليليون بصورة اكبر بما لا يستطيع الناس وصفه بصورة مباشرة. انهم يتعلمون حول بعض هذه الافكار اللاواعية من خلال الطلب من المستجيب للاستجابة لمثيرات قويةحيث يقوم عالم النفس بتفسيرها. علماء النفس السلوكييون التقليديون عادة يأخذون تكتيكا مغايرا في تقييم الشخصية. فهم لا يعيرون اهتماما بالمفاهيم والبنيات والتي تكون من المفترض موجودة اصلا في اذهان الناس. لتحديد انماط السلوك المتسقة، يقوم علماء النفس هؤلاء بمراقبة السلوك. على سبيل المثال علماء النفس السلوكيون اللذين يرغبون بقياس التعاون ربما يراقبون العاملين اثناء قيامهم بمهام جماعية. والشخص الذي يشترك بعدد كبير من السلوكيات التعاونية ( على سبيل المثال يساعد الاخرين في المجموعة، يساند الاخرين في اعمالهم، وهكذا) سوف يعرف على انه شخص متعاون . باختصار ، الطريقة التي يقيس بها عالم النفس الشخصية تعتمد على اعتقاده على ما هي الشخصية.
البحث Research
بالمقابل كان جهود هؤلاء تتركز على الفروق بين المناهج الستة، واحد فوائد ذلك انهم جميعا انتجوا عموما مقدارا معتبرا من البحوث ذات الصلة بالمواضيع. وكما سوف ترى ان هذه البحوث تختبر في احيان المبادئ والافتراضات الاساسية للنظرية. وفي احيان اخرى فان الباحثين اهتموا باكتشاف المزيد من المفاهيم التي قدمت بنظرية الشخصية. ان العديد من المجلات النفسية قد تحمست لنشر بحوث في الشخصية، والعديد من هذه المقالات المنشورة ذات الصلة بهذه المواضيع قد فحصت examined في هذا الكتاب. ان المواضيع التي اثارت باحثي الشخصية قد عدت وقدمت كنظريات جديدة وان النتائج الجديدة قد اثارت بحوث اضافية (Sharman،Buddie،Dragan، End،& Finney،1999 ). لقد طبق الباحثين النفسيين عدد كبير من الطرق في اطار جهودهم لكشف معلومات عن الشخصية (Craik، 1986; Endler&Speer، 1998; Mallon،Kingsely، Affleck،&Tennen، 1998) . انت لاتحتاج ان تفهم هذه الاجراءات بشكل كامل كي تقدر البحث الذي غطي في هذا الكتاب. ولكن سيكون من المفيد ان تكون لديك فكرة عن منهج اختبار الفرضيات والقليل من الاجراءات العامة التي استخدمت من قبل باحثي الشخصية. هذه المواضيع قد طرحت في الفصل القادم